حينما يقبل الليل ويرخي سدوله ، يزداد همي وألمي ؛ لأن :
- الكون كله يضيق علي حتى يصبح بمساحة غرفة نومي .
- وغربتي تتضاعف حتى أصبح في وحشةٍ من نفسي التي بين جنبي .
- وشعوري بالوحدة يزيد حتى أكاد أنكر أن يكون في الكون مخلوق غيري .
- والأفكار تترى لتعبر عن قلقي القاتل ، وهمي الذي أوصدت في وجه زحزحته وتفريجه الأبواب ، وأحكمت من أجل بقائه المغاليق !!
يا الله !هكذا أنا إذا الليل أدجى ، وغارت النجوم ، ونامت العيون .
- لعمرك ! كيف يكون حال امرئ يكتم آلامه ، ولا يشاركه أحد في الكون آماله .
- كيف يكون حال امرئ؟ لا يملك إلا أن يجاري مَنْ حوله ؛ فيضحك إذا ضحكوا ، ويظهر الفرح إذا فرحوا ، وينتقل معهم بجسده المثقل بالهموم والأحزان إذا سافروا للراحة والاستجمام !!
- قل لي بربك ! ما حال امرئ ينتظر غائبا ينتشله من وهدة الحزن ، ويبني معه أحلام الحب ، ويفتح له مصاريع السعادة ؟؟!!
ينتظر غائبا لا يعرف لها شخصا ولا شخصية ! لا يرى إلا طيف خياله من وراء السَّدَف يا الله !هكذا أنا !!!
في هذا الجو القاتم ، والظلام الدامس ، والوحدة القاتلة اسمع من داخلي نداء يفجر طاقتي ، ويمحو أثر غربتي ، وينشر في الكون كله - لا في داخلي أنا فقط - ينشر الأمل والنور ، ويبعث الفرح والسرور ! إنه نداء إلهي !! نداء من يعرف السر والنجوى ، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء !! ذلك النداء الذي جاء به خيرُ من وطأ الثرى !!
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له "
وعن عثمان بن أبي العاصي رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد هل من داع فيستجاب له ؟ هل من سائل فيعطى ؟ هل من مكروب فيفرج عنه ؟ فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله عز وجل له إلا زانية تسعى بفرجها أو عشارا "
عند ذلك رفعت يدي إلى السماء وتوجهت لخالقي الذي تكفل برزقي ، وهدايتي لأرشد أمري توجهت إليه بالدعاء فهدأت نفسي وطاب ليلي وأيقنت أن ما أنا فيه هو خير لي !! سبحانك ربي ما أعظمك وأرحمك وأحلمك !!