تزوج الأمير عبدالله الفيصل زوجته الثانية نورة العسّاف إثر خلاف حدث بينه وبين زوجته الأولى الجوهرة وكانت نورة ذات حُسنٍ وجمال ؛ إستغلته بدلالها وأبعدته عن زوجته الأولى مِمّا أضرم النار في قلب الجوهرة فطلبت الطلاق منه ولكنّه رفض ذلك لحُبه الشديد لها ؛ تمّر الأيام ويتعلّق الأمير رحمه الله بنورة وأصبحت الجوهرة مُجرد رماد ذكرى من الماضي وأم لسبعة أبناء يعرفون مصلحتهم جيداً ؛ تدهورت حالة الجوهرة الصحية والنفسية بعد غياب زوجها وإنشغاله بالسفر مع نورة ؛ فشاء القدر أن تُصاب الجوهرة بوعكة صحية تنتقل على إثرها إلى المستشفى.
علم الأمير بالأمر فعاد فوراً من سفرته ؛ ولكن بعد ماذا ؟ بعد فوات الأوان ! إنتقلت الجوهرة إلى رحمة الله . لم يتحمّل الأمير مرارة الأمر ؛ وبدأ شريط الذكريات يدور أمامه ليتذكّر أيامه الجميلة معها وتلك الأشعار المُغنّاة التي كان يكتُبها لها وذلك الحُب القديم الذي نشأ بينهم مُنذ الصغر ؛ حاول النسيان حاول و حاول ؛ حاول أن يتقبّل فكرة أن تكون الجوهرة موجودة وينشغّل مع نورة ؛ ولكنّه في كل مرة يرى نورة يتذكّر فيها الجوهرة ويندّم على فعلته معها ؛ إستغلّت نورة أنوثتها ومكيدة النساء فقامت بإخراج الأمير من أحزانه وتخديره مؤقتاً ؛ لتعيش حياتها الرغيدة ؛ حقق لها كل احلامها ؛ لم يتبقى مكان إلى وقد سافرت إليه ؛ ومع مرور الايام إكتشف الأمير ان زوجته نورة تحمل في قلبها الكثير من الانانيه ؛ لكنه لم يهتم لهذا ولم يشغل باله ؛ فقلبُه لم يعد يطيق التنازع والمشاكل الكثيره خصوصاً بعد رحيل توأم قلبه الجوهرة ؛ وأنه ينشغل بأعمال للدولة تمثّلت في وزارة الصحّة ووزارة الداخلية . في وقت متأخر من دورية الدوام في الوزارة ؛ عاد الأمير إلى منزله وزوجته تتجهّز للنوم ؛ حاول أن يفاجئها لكي تفرح بقدومه ومن المتوقع أن تفزّ طولها لتُحضّر له العشاء ولكنّه تفاجأ من ردّة فعلها ؛ وسلامها البارد . فأخذته عزّة النفس وطلب منها العشاء على المكتب فأخبرته أنها ستنام وأن هذا ليس وقتاً للعشاء , كانت هذه الكلمات بمثابة اللطمة الثانية للأمير فلم يعد يتحمّل فكرة بقاء نورة في حياته دقيقة واحدة ؛ فذهب إلى مكتبه البيضاوي ؛ وأستوقفته رائحة البخور الفاخر الذي كانت تضعه الجوهرة فور قدومه ؛ إستوقفته الأوراق المُبعثرة التي لم تكُن على هذا الحال حينما كانت الجوهرة زوجة له
جلس على الكُرسي في وضعية الإنهيار التام ؛ فأخرج الورقة والقلم وكتب قصيدته الغنائية الشهيرة والأخيرة في مسيرة القصائد المُغنّاة ؛ وأنهى عليها بتوقيعه والختم .. وأرفق عليها مُلاحظة للسكرتير الخاص : تُرسل لقيثارة الشرق طلال مدّاح فور قدومه من رحلته الفنّية ؛ في اليوم التالي وبالتحديد في الصباح الباكر ؛ إستغربت نورة فور استيقاظها بعدم نوم الأمير بجانبها ليلة البارحة ؛ فذهبت لمكتبه ولم تجده ؛ فعلمت أنه غضب منها وبعادته عند الغضب يتوجّه للكتابة ؛ فمضت تبحث في الأوراق علّها تجد شيئاً يملأ فضولها ويريح قلبها .. أستغرق الأمر عدة دقائق ولكنّها لم تجد شيئاً غريباً ؛ أحسّت بخطأها وأشتغل عقلها المُدبّر فبدأت بتصحيحه وترتيب المكتب ؛ ورمي الأوراق والمناديل المستهلكة في سلّة النفايات ؛ وحينها وقعت الطامة .. وجدت الورق الأصفر الذي يكتب زوجها الشعر عادة عليه مُلقى في سلة المُهملات فمدّت يدها مُسرعة لتفتحه فوجدّته يكتب المُقدمة للقصيدة وبداية الأبيات ومن ثم يشطب ؛ يكتب ويشطب ويرمي الأوراق .. فأستحلّ قلبها خيفة من ما قرأت وبدأت أعضاء جسمها بالرجفان ؛ حاولت إنتظار زوجها إلى ساعة متأخرة من الليل حتى عاد ؛ ورآها في أنتظارها فصّدّ النظر عنها وتوجّه للمكتب فرآه في أجمل صورة فعلم أنها أحسّت بذنبها .. توجّه للمكتب بهدوء وهي تمشي خلفه وتهمس له ؛ إستوقفها وهو ينشغل بقراءة احد الكُتب معطياً أياها ظهرها وأمرها بالإنصراف .. فقالت له : لماذا هذا التعامل ؟ - فصرخ في وجهها لا وقت لدي للكلام ؛ فعلمت أن الموضوع الذي تخافه واقِعٌ لا محالة ؛ فأستسمحته وهلمّت بالبُكاء والإعتذار فتعجّب الأمير منها وكيف أنها علمت بموضوع القصيدة .. لم يهتم لمشاعرها .. فقلبه تُوفي إكلينياً ؛ في اليوم التالي : يعود زرياب الأغنية العربية الفنان طلال مداح من رحلته الخارجية ؛ ويجّد في جدول مهامه موعد مع سمو الأمير فلم يتأخر عليه .. بُغية عمل جديد أو نجاح جديد ؛ لا سيما أن أجمل أغاني طلال كانت من كلمات الأمير عبدالله الفيصل .. المُهم توجّه طلال فوراً لمكتب الامير .. فأخبره بالخبر المُفزع للكثير من الفنانين وليس طلال فقط .. يا طلال هذه القصيدة هي أخر قصائدي الغنائية ؛ فما كان من طلال إلا التحسّر والندم لأن قرار الأمير لا رجعة فيه .. فوعد طلال الأمير أن يضع جميع أمكانياته لتظهر بالصورة اللائقة بمكانة القصيدة وأنه لشرف كبير أن تكون ختام أعماله خاصّة بطلال .. يمضي الطلال ليعرض القصيدة على أكثر من ملحن ولكن الألحان لم تلن على إعجابه فقام هو بنفسه بتلحينها .. وأصدرها برفقة الفنانة عتاب في ألبومه الرابع من عام 1980 م ..
إبتعد عني ما حبك ويش تبي بي ؛ قدرك الغالي رميتة في الثرى
واحسايف قولتي لك يا حبيبي ؛ يوم قلبي جاهلٍ بك ما درى
أنك الغادر وقصدك تلتهي بي ؛ وان عاطفتك تباع وتشترى
أنس وقت فات مالك به نصيبي ؛ لا تذكر لا تذكر ما جرى
يوم هفت شمس حبك للمغنيبي ؛ استرحت وعادني طيف الكرى
الجدير بالذكر ؛ أنّ الأمير عبدالله الفيصل - أرفق ورقة الطلاق مع النسخة التجريبية للأغنية