صرير الأسنان صمام تنفيس للمشاعر المكبوتة
صرير الأسنان صمام تنفيس للمشاعر المكبوتة
هناك بعض الأشخاص الذين يعانون صرير أو طحن الأسنان ليلاً أثناء النوم، غير أن هذه المشكلة قد تظهر أيضاً في بعض مواقف الحياة اليومية. وغالباً ما تختفي ظاهرة صرير الأسنان من تلقاء نفسها، لكنها قد تتحول لدى بعض المرضى إلى مشكلة دائمة. وأوضح الأطباء أن هناك بعض الوسائل، مثل الجبيرة السنية وتقنيات الاسترخاء، يمكن أن تساعد المرء على التخلص من صرير الأسنان.
وتتنوع الأسباب التي تؤدي إلى ظهور صرير الأسنان أثناء الليل، وأوضح البروفيسور ديتمار أوسترايش، نائب رئيس جمعية أطباء الأسنان بالعاصمة الألمانية برلين، قائلاً «يعتبر الإجهاد والضغط العصبي العامل الأساسي لحدوث صرير الأسنان، وهنا يمكن الحديث عن أحد الأمراض النفسجسدية».
كما أن المشاعر المكبوتة والمخاوف ومشكلات الحياة اليومية والأحداث المهمة في حياة الإنسان قد تؤدي إلى ظهور مشكلة صرير الأسنان ليلاً. ويقول أوليفر أليرس، من الجمعية الألمانية للتشخيص والعلاج الوظيفي بمدينة دوسلدورف الألمانية «تعتبر الأسنان في هذه الحالة بمثابة صمام للتنفيس عن المشاعر المكبوتة».
علاوة على أن صرير الأسنان قد يحدث أيضاً بسبب الأسنان التي تنشأ في موضع خاطئ وتركيب تيجان وحشوات غير مناسبة أو نتيجة لأسباب متعلقة بعظام الفكين. ويصعب اكتشاف صرير الأسنان في وقت مبكر؛ لأنه يحدث دون وعي في معظم الأحيان. وأوضح هانز يورغن كورن، من الجمعية الألمانية للارتجاع البيولوجي بمدينة ميونيخ، أنه «إذا كان صرير الأسنان يحدث ليلاً، فلا يمكن التعرف إليه إلا من خلال الشخص المجاور في السرير».
وأوضح الخبير الألماني أوسترايش، أن صرير الأسنان يؤدي إلى انطلاق قوى هائلة في الفم، وهو الأمر الذي يتسبب في تعرض مينا الأسنان، التي تعتبر أصلب المواد الموجودة في جسم الإنسان، إلى أضرار بالغة، حيث تمتد الآثار السلبية من الأسطح المصقولة للغاية مروراً بالشظايا والتشققات ووصولاً إلى الأسنان المخلخلة والمتآكلة بشدة، وفي هذه الحالة يكون عصب الأسنان مغطى بطبقة رقيقة للغاية.
وأضاف الخبير الألماني أليرس «يؤدي الضغط وطحن الأسنان إلى توتر عضلات الفك بشدة وتعرضها لإجهاد زائد، ما قد يتسبب في ظهور آلام موضعية أو منتشرة»، إضافة إلى ذلك قد تظهر آلام في المفصل الصدغي الفكي، إلى جانب الصداع وآلام في عضلات الرقبة والكتف والظهر والحوض. ومن الظواهر المصاحبة لصرير الأسنان أيضاً طنين الأذن وظهور اختلالات في الرؤية.
وعند تشخيص هذه الحالة المرضية على أنها صرير الأسنان، يتم استعمال جبيرة سنية مع معظم المرضى، ويقول أليرس «تهدف الجبيرة السنية في الأساس إلى وقف نزيف الخسائر في بينية الأسنان»، وتعمل «جبيرة الإطباق من دون تعديل اتصال الأسنان» عن إبعاد الفك العلوي عن الفك السفلي، كما أن هناك جبيرة إطباق مُصممة بشكل مُعقد تقوم بالإضافة إلى ذلك بضبط وضع الفكين، بحيث يتم تثبيت الفك السفلى، وهو ما يخفف الإجهاد الواقع على عضلات المضغ.
ومع ذلك هناك سؤال يطرح نفسه في حال صرير الأسنان، التي تنشأ نتيجة عوامل وأسباب نفسية، وهو: هل يستطيع طبيب الأسنان وحده علاج هذه المشكلة؟ ويجيب الخبير الألماني أوسترايش على هذا التساؤل بقوله «يتمكن طبيب الأسنان من التخفيف من الآلام الحادة وأعراض صرير الأسنان، لكنه لا يستطيع مساعدة المرضى على التخلص من الإجهاد والتوتر العصبي». وتعتبر طريقة الارتجاع البيولوجي إحدى الوسائل الحديثة التي تساعد المرضى على زيادة وعيهم وإدراكهم بمشكلة طحن وصرير الأسنان، وتعتمد هذه الطريقة على مستشعر يتم لصقه على عضلات المضغ، ويقوم بقياس مدى توتر وإجهاد العضلات.
ويتعين على المرضى أيضاً تعلم كيفية تخفيف الإجهاد الواقع على الفكين من خلال اتباع بعض تقنيات وأساليب الاسترخاء؛ ومنها مثلاً عدم تلامس الأضراس مع بعضها بعضاً مع غلق الفم، وأن يستقر طرف اللسان خلف الصف العلوي للأسنان. والعامل الأهم هو أن يحافظ المرء على هذا الوضع للفكين في حياته اليومية، حتى يتخلص من مشكلة صرير الأسنان.