(حَوَّاءْ.. يَا رَاجِلْ)
ستبقى المرأة السعودية بطلة "سواليف" مجالس "النشامى"، ومحل إشفاق واستثمار أعمال درامية عابرة ومقالات كتّاب متباكين لحالها على ورق!
وستظل شؤونها وشجونها رهن تجاذب وسجال أقلامنا وألسنتنا نحن معشر الرجال! دون أن نضع أيدينا بجدية وحياد على ملف واقع اجتماعي زاخر بصور التعسف والتهميش التي تعصف بكيانها!
فبعد مخاض عسير تمكنت المرأة من الالتحاق بالمدارس والجامعات!
مما أتاح لها الالتحاق بالوظائف التي تتناسب وطبيعة تكوينها الفسيولوجي وخصوصيات مجتمعنا المحافظ!
وهنا جد جديد في حياتها، زاد من معاناتها التقليدية، ألا وهو الراتب الشهري!
إذ في المقابل ثقافة "ذكورية"، طالما تباهى بنزقها الرجل الشرقي، لا تتيح له التنازل عن معظم حقوق ومكتسبات المرأة كما أمر ألله بها! ناهيك عن قناعات بعض الرجال بأن المرأة من مكتسباتهم وإن لم تدرج ضمن الملكيات! كيف لا؟!
وقد برروا بالولاية أنانيتهم وتسلطهم! واختزلوا هذه الإنسانة في مفاهيم نفعية لنصوص مثل "ناقصات عقل ودين" و"خلقن من ضلع أعوج"!
وليتفرد الذكر بالرأي الأول والأخير حتى في رسم خارطة نمو المرأة وضمورها! وفق طموحاته ومن منظوره، رافعاً شعار "أنا الأعرف بمصلحتها"!
رجال كهؤلاء نجدهم خلف كل قصة موجعة ومأساة تعيشها العديد من النساء في مجتمعنا! تحبس أناتها أسوار البيوت ونفوس حزينة، وقليل منها ما يرشح للأسماع خارج دائرة السرية والتكتم!
وأقل من القليل منها ما يصلح للنشر بعد إجازته من حضرة خصوصيتنا!
ولكم صعقتنا روايات مروعة، يشيب لها رأس الوليد!
تحكي معاناة المرأة بأشكال وصنوف ما بين تزويج قاصرات وحرمان من التعليم، مروراً بالعضل وممارسة العنف والضرب ونهب نصيبها في الميراث واستغلال مالها الخاص وحرمانها من الزواج وسلب حريتها في تقرير مصيرها، وممارسات شتى لا تمت للإنسانية بصلة! تحت عنوان الولاية التي استحالت حجةً لكل مستهين بالمرأة!
فأضحت الولاية وبالاً عليها بدلاً من أن تشكل الضمانة لحقوقها من عبث العابثين!
ومع أن الشريعة الإسلامية المطبقة في المملكة العربية السعودية كفلت للمرأة حقوقها كاملة غير منقوصة، إلا أن تعسف الرجل وإساءة استغلال ولايته وسلطته تدفع باتجاه تزايد أعداد ملفات قضايا من هذا القبيل، تضيق منها أروقة المحاكم!
وتشهد على فداحتها هيئة حقوق الإنسان السعودية التي بدورها رصدت ولخصت شيئاً من مرارات الواقع في فيلم توعوي، نشرته من خلال مواقع التواصل وعلى الإنترنت، هدفه الحيلولة دون وقوع مزيد قسوة من الرجل!
وضمنته تقريرها بنية ردع من فقد الصواب وأمعن في سلطويته إلى حد قد يخرج (مارد) حواء من زجاجة عطرها!!