وصف سبحانه الحياة وزينتها في موضعين من كتابه، بأنها: { متاع الغرور } (آل عمران:185) وجاء في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون ) رواه مسلم . وواقع الناس في كل زمان ومكان يدل على مدى تعلقهم بزينة الحياة الدنيا وزخرفها، والعمل لأجلها صباح مساء، وكأنهم خالدون فيها مخلدون؛ إما طلبًا للجاه، أو طلبًا للمال، أو طلبًا للشهرة، أو طلبًا لغير ذلك من الشهوات والملذات؛ الأمر الذي يجعلهم مشدودين إلى مكاسبها، مشدوهين بمغرياتها، لاهثين خلف سرابها . وقد ضرب سبحانه في محكم كتابه مثلاً لهذه الحياة، فقال جل من قائل: { إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون } (يونس:24). وهذا المثل العجيب ضربه سبحانه لمن يغتر بالدنيا، ويشتد تمسكه بها، ويقوى إعراضه عن أمر الآخرة، ويترك التأهب لها . وقد أكد القرآن الكريم هذه الحقيقة عن الحياة الدنيا، وأنها عرض زائل في آية أخرى؛ وهي قوله تعالى: { واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح } (الكهف:45) وأشار إليه في آيتين أُخريين؛ أولهما: قوله سبحانه: { ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما } (الزمر:21) وثانيهما: قوله عز وجل: { اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما } (الحديد:20) . |
|
|