الشلل المخي من أكثر أنواع الاضطرابات النيرولوجية شيوعاً، وهو نوع من العجز
الحركي ينتج عن إصابة المخ بنوع من التلف، ولكن بطبيعة الحال توجد أنواع
أخرى من الشلل لا ترجع إلى إصابة المخ، منها الشلل الذي يصيب العمود
الفقري.
فالشلل المخي يمكن أن يترتب عليه أيضاً اضطرابات في النطق أو
الكتابة، ومن ناحية أخرى فإن الاضطرابات التي تصيب المخ يمكن أن ينتج عنها
اضطرابات سيكولوجية نفسية، فهذا المرض لا يتضمن فقط المكونات النيرولوجية
الحركية بل أيضاً أشكالاً أخرى عديدة من القصور العقلي أو السيكولوجي في
الإدراك والتعلم والانفعالات والنطق.
إن مسؤولية علاج الاضطرابات النيرولوجية الحركية تقع في المقام الأول على عاتق الطبيب المختص ثم
اختصاصي العلاج الطبيعي، في حين أن الاضطرابات السلوكية المرتبطة
بالاضطرابات النيرولوجية مسؤولية الاختصاصيين المهنيين السيكولوجيين
الاجتماعيين التربويين، واختصاصيي علاج عيوب النطق والكلام.
ترجع هذه الحالات من الشلل المخي إلى عدد من الأسباب يأتي في مقدمتها:
1-المضاعفات التي تحدث أثناء الحمل مثل عدم مسايرة فصائل الدم، الحصبة
الألمانية، الأمراض الحمّية الأخرى عند الأم، المواد السامة في دم الأم.
2- المضاعفات التي تحدث أثناء الولادة مثل الولادة المتعسرة، الولادة التي تستغرق وقتاً يزيد كثيراً عن الوقت المعتاد.
3-المضاعفات التي تحدث بعد الولادة في السنوات المبكرة الأولى من حياة الطفل
مثل التهاب الدماغ ،الالتهاب السحائي، وهذه تؤثر تأثيراً مباشراً على قدرة
الطفل على التعلم، فمثلاً قد يصاب بإعاقة في السمع أو في البصر أو في
القدرة على النطق والكلام.
التخلف العقلي:
إن العلاقة بين درجة
الذكاء وبين درجة الإعاقة الجسمية الناتجة عن الشلل المخي علاقة ضعيفة،
ولقد لاحظ معظم الباحثين أن أداء الطفل المصاب بالشلل المخي في اختبارات
الذكاء يكون قاصراً نتيجة للاضطرابات الحركية وصعوبات النطق التي يعاني
منها.
الإعاقات البصرية: إن عدداً كبيراً من هؤلاء الأطفال يعانون إعاقات بصرية مصاحبة للشلل المخي.
الإعاقات السمعية: إن الإعاقات السمعية لدى الأطفال المصابين بالشلل المخي أقل
شيوعاً من الإعاقات البصرية، حيث إن السمع لا يتضمن وظائف حركية من تلك
التي تتضمنها حركة عضلات العين.
عيوب النطق والكلام: وهذه تعتبر أكثر الإعاقات شيوعاً حيث تظهر لدى 70% تقريباً من الأطفال المصابين بالشلل المخي.
الاضطرابات الإدراكية وهي إحدى اضطرابات الوظائف السيكولوجية التي ترتبط بشكل شائع
بالتلف المخي الوظيفي، وتضم عملية الإدراك التشكيلات الحسية السمعية
البصرية وغيرها، والإدراك هو الخطوة الوسيطة بين عمليتي الإحساس والتفكير.
المظاهرالسلوكية: هناك مظاهر سلوكية كثيراً ما ترتبط بالشلل المخي، التقلب في
الحالة المزاجية، قصر فترة تركيز الانتباه، النشاط الزائد، كذلك فإن
اتجاهات الرفض من جانب الآخرين قد يترتب عليها سلوك الانسحاب والخجل
والسلوك غير الناضج أو الاحجام عن الاتصال بالآخرين.
الأساليب العلاجية:
بالإضافةإلى العلاج الطبيعي هناك أساليب العلاج المهني التي تساعد على القيام
بالأنشطة اللازمة للحياة اليومية، كذلك تطبق البرامج العلاجية التي تهدف
إلى تعديل سلوك النشاط الزائد، ضبط الانفعالات.
ولكن يجب النظر إلى
العمل على تحسين الأساليب العلاجية على أنه جهد مستمر لعمل فريق
الاختصاصيين يهدف في مجموعه إلى إشباع ميول الطفل واهتمامه. كذلك من الأمور
الحيوية تقديم الإرشاد النفسي للأسرة في وقت مبكر من حياة الطفل المصاب
بوجه عام، وكلما كان بدء البرنامج مبكراً لإرشاد الوالدين كان ذلك أفضل
لتحسين الجو الأسري والعلاقات بين الطفل ووالديه.
التوافق الشخصي لأطفال العجز الجسمي
لعل
أكثر الواجبات صعوبة في التعامل مع الأطفال المصابين بحالات من العجز
الجسمي يكمن في مجالات توافق الشخصية، فإن نسبة تتراوح بين 35% و45% من
هؤلاء الأطفال أظهروا درجة من التوافق لا تختلف عما أظهره زملاؤهم من
الأطفال العاديين.
وهناك بعض العوامل والمتغيرات التي تتضمنها عملية التوافق منها
الدافعية «Motivation»
هؤلاءالأطفال لا يختلفون عن غيرهم من أقرانهم العاديين من حيث إن لدى كل منهم
آمالهم وطموحاتهم الخاصة بهم، وهي التي تحدد اتجاهات الدافعية لدى كل منهم.
يحتاج
الأطفال المصابون بعجز جسمي أحياناً إلى نوع من المساعدة لإرشادهم
وتوجيههم لطرق واقعية لتحقيق إشباعات معينة لحاجاتهم تقع في إطار قدرتهم
وإمكانياتهم. فالفجوة بين قدرات الأطفال المصابين بعجز جسمي على الأداء
وبين آمالهم ومستويات طموحهم هي التي تخلق مواقف الإحباط والتوتر والشعور
بعدم الارتياح والأشكال المختلفة للسلوك التعويضي. ومن ضمن الحاجات التي
تحتاج إلى إشباع لديهم:
أ- الحاجة إلى الانتماء والتميز:
إن الحاجة لأن يشعر الفرد بأنه مميز كشخص له قيمته واستحقاقه، من الحاجات العامة
للجنس البشري مهما بلغ من العمر فإنه يسعى للحصول على الموافقة والتقبل من
الآخرين، ولأن المجتمع عادة يضع قيمة عالية للتكوين والبناء الجسمي السليم
ويعطي قيمة للقوة والمقدرة الجسمية يكون من السهل أن يقلل الطفل المصاب
بعجز جسمي من قيمته الذاتية نتيجة للقصور الذي يفرض عليه نتيجة للإصابة،
لذلك يحتاج مثل هذا الطفل إلى إرشاد وتوجيه حتى يدرك أنه مع فقدانه لبعض
الخصائص الجسمية فإنه في الوقت نفسه يمتلك خصائص أخرى لا تقل قيمة ولا
أهمية عن الخصائص التي فقدها.
ب- تحقيق الذات:
من المعروف أن مفهوم الطفل عن ذاته يتأثر إلى حد بعيد بالمفهوم الذي يكونه عن وضعه الجسمي «أي
صورة الذات الجسمية» بناء على ذلك، إذا كان الفرد يعاني من شعور بالغ من
الاشمئزاز أو الخوف تجاه وضعه الجسمي، فإن هذا الشعور نفسه يميل لأن يلتصق
بمفهوم الطفل عن ذاته كشخص، وفي مثل هذه الحالة يكون الطفل في حاجة إلى
الإرشاد والتوجيه الذي يمكنه من بناء مفهوم صحي عن الذات تتكامل فيه حالة
العجز الجسمي مع بقية مكونات مفهوم الذات.
ج- الشعور بالأمن:
يحتاج كل فرد من الأفراد إلى أشكال متعددة من الأمن يأتي في مقدمتها الأمن الجسمي العاطفي والاجتماعي.
إن أي حالة من حالات العجز الجسمي يمكن أن تكون مصدر تهديد لأمن الطفل في أي
مجال من هذه المجالات، فمن الناحية الجسمية يواجه هذا الطفل العديد من
المواقف والعوائق التي تشعره بالتهديد، ومن الناحية العاطفية يكون عرضة
للشعور بالشك في نفسه وفي قدراته، ومن الناحية الاجتماعية يفرض عليه الدخول
في مواقف للمنافسة مع الآخرين يكون فيها عاجزاً عن التنبؤ بالطريقة التي
سوف يستجيب بها الآخرون تجاهه.
ونظراً لأن هذا الطفل يلقى نوعاً من الحماية الزائدة في المحيط الأسري في غالب الأحيان فإنه يتولد لديه ميل إلى
الاعتماد على حماية الآخرين، لذا فقد يدوم ذلك طوال حياته ويترتب على ذلك
ضرورة أن توجه الجهود نحو إبدال الأساليب غير المرغوب فيها التي يستخدمها
الطفل المصاب بعجز جسمي للحصول على الأمن بأساليب تتميز بدرجة أكبر من
النضج والقبول الاجتماعي ودرجة أكبر من الاستقلال.
الإحباط «Frustration»
الاستجابةالمبدئية للإحباط هي العدوان، إلا أن الأطفال يتعلمون عادة أن العدوان
سلوك غير مقبول من جانب الآخرين، ومن ثم يتعلم الطفل إبدال العدوان بأنماط
أخرى من الاستجابة يحقق من خلالها تخفيف حدة التوتر الناشئ عن الإحباط.
والإحباط
هو نتيجة للتباعد بين الأهداف التي وضعها الطفل لنفسه وبين قدراته على
تحقيق هذه الأهداف، ويستجيب الطفل المصاب بعجز جسمي للإحباط بمجموعة من
الطرق:
أ- شعوره بالإحباط قد يكون سبباً في ميوله العدوانية سواء كانت جسمية أو لفظية.
ب- قد يلجأ الطفل إلى إلقاء اللوم على الآخرين لإخفاقه في تحقيق أهدافه.
ج- قد يلجأ الطفل إلى كبت رغباته ويتقبل الموقف بطريقة مزيفة دون أن يبذل جهداً في البحث عن أشكال أخرى من التوافق.
د- قد يلجأ الطفل إلى أشكال السلوك الانسحابي أو الأوهام والخيال كطريقة للهروب من المواقع.
هـ- قد يلجأ الطفل إلى أسلوب النكوص عن عجزه من خلال خلق اهتمامات وأهداف بديلة عن الأهداف الأصلية تؤدي إلى إشباع الحاجات نفسها.
التعويض "Compensation"
وهوميل الفرد إلى تعويض القصور الذي يعانيه في أحد الجوانب من خلال المبالغة
في الجوانب الأخرى، وعندما يتمكن الأطفال المصابون بعجز جسمي من النجاح
فإنهم يميلون عادة لأن يكونوا أكثر موضوعية وواثقين في تقييمهم للإصابة
الجسمية وتنمو لديهم الرغبة في تقبل هذه الإعاقة. أما إذا حدث العكس فإنهم
لا يحصلون على الإشباع الذاتي الذي تتطلبه عملية التوافق.
هناك شعور بأن الأطفال المصابين بالعجز الجسمي يستطيعون التعويض عن إعاقتهم الجسمية من
خلال التحصيل الأكاديمي المرتفع، إلا أنهم ليسوا جميعاً قادرين على الإنجاز
المرتفع في الأنشطة العقلية. في مثل هذه الحالات لا يكون الإنجاز الفعلي
هو الاتجاه الصحيح للتعويض بالنسبة لهم، في حين أن بعض الأطفال يحصلون على
الإشباع من خلال إنجازاتهم في المجالات الاجتماعية والشخصية الرياضية.
منقوووول