الموضوع
:
مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية
عرض مشاركة واحدة
28 - 9 - 2014, 12:21 AM
#
131
عضويتي
»
2702
جيت فيذا
»
15 - 12 - 2012
آخر حضور
»
2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
فترةالاقامة
»
4435يوم
مواضيعي
»
203
الردود
»
4733
عدد المشاركات
»
4,936
نقاط التقييم
»
145
ابحث عن
»
مواضيعي
❤
ردودي
تلقيت إعجاب
»
0
الاعجابات المرسلة
»
0
المستوى
»
$51 [
]
حاليآ في
»
دولتي الحبيبه
»
جنسي
»
العمر
»
سنة
الحالة الاجتماعية
»
مشروبى المفضل
»
الشوكولاته المفضله
»
قناتك المفضلة
»
ناديك المفضل
»
سيارتي المفضله
»
الوصول السريع
رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، واشهد ان محمدا عبده ورسوله.
يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون ' يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا'، ' يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا'.
اما بعد،
فإن اصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله، يختلف الناس في امرين، يختلف الناس في مطالبهم، في اهدافهم، في غاياتهم، هم كذلك يختلفون في امر آخر، يختلفون في الهمم التي توصلهم الى تلك الاهداف وتلك المقاصد وتلك المطالب، فهم يختلفون في المطالب والمقاصد، ويختلفون في الهمم التي توصلهم الى اهدافهم، فمن الناس من يتكلم عن اهداف عالية، ومقاصد سامية ولكن الافعال لا تصدق الاقوال، قال اهل العلم هذا متمنٍ مغرور، فما نيل المطالب بالتمني.
وآخرون لا يتكلمون ولكن افعالهم تدل على انها اصحاب همم عالية، اذا ناداهم مناد الله لبوا النداء واجابوا وما ترددوا ولا تكاسلوا ولا تهاونوا، ومن يخطب الحوراء لم يغنه المهر، فالناس تتفاوت في غاياتها واهدافها، وتتفاوت في هممها التي توصلها الى تلك الاهداف.
لاحظ الفرق بين همة هذا وهمة ذاك، اعرابي يعترض النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه يقول:' يا محمد اعطني من مال الله الذي اعطاك الله فانه ليس بمالك ولا بمال ابيك'، وتخيل بين همة ربيعة بن كعب وهو يأتي الى النبي صلى الله عليه وسلم بوضوئه ليلة، ثم يقول له النبي صلى الله عليه وسلم:'سلني'، فقال له:' اتمنى رفقتك في الجنة يا رسول الله'، فشتان بين من يطلب الجنة وبين من يطلب توافه الامور.
جاءت غنائم الى النبي صلى الله عليه وسلم فاخذ يوزعها بين اهل الصفة وبين المحتاجين، وابو هريرة يرقب المنظر وهو من اهل الصفة لا يجد مكانا يأويه ولا لباسا يواريه ولا طعاما يملأ بطنه والنبي صلى الله عليه وسلم يوزع الغنائم على هذا وذاك وابو هريرة يرقب المنظر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وهو اعلم بحاجته:' يا ابا هريرة اما تسألني من هذه الغنائم التي يسألني اياها الناس ؟'، فقال:'يا رسول الله أنا أسألك سؤالا واحدا'، فقال له صلى الله عليه وسلم:' وما هو ؟'، فقال:'ان تعلمني مما علمك الله'، اهل الدنيا واهل الهمم الدنية يطلبون ما يواري جلودهم وما يملؤون بطونهم، اما اهل الهمم العالية لا يرضون بدون الله تبارك الله تعالى، فقال صلى الله عليه وسلم:' أوَ غير ذلك؟'، قال:' هو ذاك'، يعلم ان الله يرفع اهل العلم درجات، يعلم انه ما تقرب متقرب الى الله بأفضل من طلب العلم الذي يوصله الى اعالي الدرجات، بالعلم يعبد الله ويوحد، وبالعلم يقدس الله ويمجد ' يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ '،طريق الجنة طريق العلم 'من سلك طريقا يلتمس فيه علما سلك الله له به طريقا الى الجنة'، قال ابو هريرة رضي الله عنه:' فأخذ نمرة كانت على ظهري فوضعها بيني وبينه حتى اني ارى دبيب النمل عليها ثم اخذ يحدثني ويحدثني ويحدثني حتى قال صرها اليك فصررتها فاصبحت لا اسقط حرفا واحدا من كلامه'، راوي الحديث الاول من ؟ ابو هريرة رضي الله عنه وارضاه ناقل السنة الصحيحة.
اهل الدنيا يطلبون الدنيا، واهل الهمم العالية يطلبون ما عند الله تبارك في علاه، ابو هريرة –رضي الله عنه- في آخر حياته يبكي ويقول:'اه من قلة الزاد وطول السفر' هذا وقد روى اكثر ستة الاف حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم يشكو قلة الزاد وطول السفر، يقول ابن القيم رحمه الله:' ووالله ما اعظم الهمم وما اشد تفاوتها'.
جاءت مجموعة من الشباب الى النبي صلى الله عليه وسلم، كل منهم يطلب حاجته، هذا يريد شفاعة وهذا يطلب مالا، وهذا يريد قضاء حاجة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقضي حوائجهم، الا واحدا منهم قال للنبي صلى الله عليه وسلم:' انا اريدك في امر بيني وبينك'، فلما انتهى صلى الله عليه وسلم من قضاء حوائج هؤلاء الشباب التفت الى صاحب الهمة العالية وقال:'وما شأنك انت؟' قال:' انا لا اريد مالا ولا اريد حاجة من حوائج الدنيا، انا اريد امرا واحدا'، فقال صلى الله عليه وسلم:' وما هو ؟' قال:' اريد مرافقتك بالجنة' فدلّه على الطريق فقال صلى الله عليه وسلم:' اعني على نفسك بكثرة السجود فانك ما سجدت لله سجدة الا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة'.
انها الهمم هي التي تحرك الرجال، لاحظ الفرق بين فلان وبين فلان، لماذا يستطيع هذا ان يترك فراشه في البرد القارس والبرد الشديد وينطلق ملبيا لنداء الله ؟ ما الذي دفعه ؟ وترك شهوته وفراشه مجيبا نداء ربه تبارك وتعالى، في حين لم يستطع فلان ان يتحرك من مكانه وهو يسمع منادي الله ينادي 'الصلاة خير من النوم'، بل وهو يعلم ان تخلفه عن الصلاة يجعله في عداد المنافقين، ما الذي يجعل فلان من الناس لا يقبل على الدرهم الحرام ؟ ويجعل فلان الاخر لا يبالي أمن الحلال ام الحرام يأكل ؟ ما الذي ردع فلان ؟ وما الذي اوقع ذاك ؟ انها الهمم العالية التي لا ترضى بدون الجنة ثمنا لذلك قال ابن الجوزي رحمه الله:' ان العمر غالي فلا تقبل للعمر ثمنا الا الجنة'.
الناس على نوعين لا ثالثهما: منكم من يريد الدنيا، ومنكم من يريد الاخرة، يعرف هؤلاء كما يعرف اولئك، فالافعال ابلغ من الاقوال الافعال ابلغ من الاقوال، قال احد المربيين لاحد ابناءه:' اياك ثم اياك ان يكون همك الماكل والمشرب والمسكن والمنكح هذا هم النفس، فاين هم القلب، ان همك ما اهمك فليكن همك الله والدار الاخرة'.
سئلوا عن ابن عبد العزيز عمر الذي بلغ بهمته العالية مبلغ الرجال حتى عد خامس الخلفاء الراشدين في خلافة قصيرة لم تتجاوز السنتين والخمسة اشهر واياما معدودة، ولكنه حقق فيها من الانجازات ما الله به عليم، كيف استطاع ؟ استطاع بهمته العالية وبنيته الصادقة، سئلوا وتساءلوا فيما بينهم البين كيف استطاع ابن عبد العزيز عمر ان يحقق ما حقق ؟ فقالوا:' والله ما خطى خطوة الا ونيته لله'، جعل الحياة وقفا لله تبارك وتعالى، فحقق في فترة قصيرة ما لم يحققه اقوام في قرون وسنوات طوال، قبل ان يتولى الامارة وقبل ان يتولى الخلافة، وقبل ان يتولى امر المسلمين، كان يقول لزوجه فاطمة:'يا فاطمة ان لي نفسا تشتاق لامارة'، فتولاها فلما تولاها ارتفعت الهمم، فقال لها:'يا فاطمة ان لي نفسا تواقة تشتاق للخلافة'، فتولاها واصبح اميرا على بلاد المسلمين، اميرا على اكثر من اربعين بلدا من بلاد الاسلام والمسلمين، بانت له مشارق الارض ومغاربها تحت امارته، فلما بلغ الخلافة ارتفعت الهمة فقال لها:'والله يا فاطمة ان لي نفسا تواقة تشتاق الى الجنة'، فسعى من اجل الجنة وعمل من اجلها حتى سمعوا في ساعات احتضاره في نهار العيد امر الناس بالخروج فخرجوا من عنده فسمعو قارئا يقرأ ' تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ'، لله دره جعل الهم هما واحدا، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم:' من جعل الهموم هما واحدا (يعني هم الاخرة) كفاه الله هم الدنيا وهم الآخرة' قل لي واسألني: كيف ترتفع الهمم ؟
اولا: لا بد ان نجعل للحياة هدف، ان نجعل لها قيمة، ان نجعل لحياتنا قيمة، كثير من الناس حياتهم كالعدم، بل فقدهم احسن من وجودهم، ماذا قدموا لانفسهم ؟ وماذا قدموا لدينهم ؟ وماذا قدموا لامتهم ؟ يأكلون ويشربون ويتمتعون كما تأكل الانعام، هذا همهم وهذه حياتهم، اما اصحاب الهمم العالية فلهم هدف ولهم مقصد، هدفهم ان تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، يحيون ويعيشون ويموتون من اجل هذا، فاذا تحدد الهدف وضح الطريق.
واعلم يا صاحبة الهمة العالية ان في الطريق عقبات وزلات يتجاوزها صاحب الهمة العالية، اذا عرف معنى ' إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ'.
يقول ابن القيم:' ان العبد المؤمن اذا وقف امام الجبل وقال ازيحه يزيحه باذن الله'، اذا وقف صاحب الهمة العالية والايمان الراسخ في القلب امام جبل وقال ازيله ازاله باذن الله، اذا عرف معنى ' إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ'.
واعلم – رعاك الله- ان لا شيء مستحيل في هذا الكون الا امران: الامر الاول، تغيير الامور الكونية، الله يأتي بالشمس من المشرق، فهل نستطيع ان نأتي بها من المغرب ؟ مستحيل.
الامر الثاني، تغيير الامور الشرعية، فدين الله لا يقبل التغيير ولا يقبل التبديل، الله فرض صلاة الظهر اربعا فهل نستطيع ان نجعلها ثلاثا او خمسا ؟ مستحيل.
هذان هما المستحيلان فقط، اما دونهما فلا مستحيل، واعلم وانت تسير في الطريق ان كلمة مستحيل لا توجد الا في قاموس العاجزين.
واعلم ان اسهل شيء يمكن تحقيقه هو الفشل، اما اصحاب الهمم العالية اذا حددوا المسار وحدووا الطريق لا بد ان تعرف ان للطريق عقبات تتجاوزها اذا عرفت معنى ' إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ '، ولكن حدد وانت تسير في الطريق انت تعمل من اجل ؟ هل العمل لله ام لغير الله ؟ هل المقصد الاخرة ام المقصد الدنيا ؟ هل الهدف جنة الرحمن ام الدنيا وما فيها ؟ فحدد الطريق وحدد لمن تعمل !
ثم اعلم ان الطريق يحتاج الى زاد، ثم الرفقة الصالحة - هكذا ترتفع الهمة- فغن المرء على دين خليله، واذا صحبت قوم فاصحب اخيارهم ولا تصحب ارداهم فتردى مع الردي.
ترتفع الهمم ايضا بالاقبال على كتاب الله، القرآن هو الذي صنع الجيل الاول، ونحن اليوم في بعد عن القرآن لا يعلمه الا الله، الهون بالاغاني، الهون بالافلام، الهون بالمسلسلات والشاشات والقنوات، هدفهم ابعادنا عن مصدر عزنا، ومصدر قوتنا الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:' تركت فيكم ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وسنتي'.
دخل الاستعمار الجزائر وخيم على اهلها عشرات السنين حتى ظنوا انهم تمكنوا من البلاد واهلها، فاذا بالرجال والنساء والاطفال يخرجون ويملؤون الشوارع رافعين القرآن يرددون 'نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا ابدا' من اين استمدوا القوة ؟ ومن اين رجعت الروح ؟ من القرآن، رجعت القوة ورجعت الروح اذا رجعنا الى كتاب الله تبارك وتعالى، الذين اكبر همهم الآن ابعادنا عن كتاب الله العزيز 'لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ '، اسألكم بالله اقرأ في ايات الجنة، اقرا في ايات النار، الا ترتفع الهمم ؟ تأمل في قوله 'إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ * فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ * لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ *وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ * كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ * أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ'، ثم قال 'لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ' ثم قال 'أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ * إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ * فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ'.
ان لم ترفع مثل هذه الايات الهمم ما الذي يرفعها ؟ ان لم تشتاق النفوس الى الجنة ما الذي يشوقها ؟ ان لم تهرب النفوس من النار، فماذا تفعل في هذه الحياة ؟ ترفع الهمم ايات الجنة وايات النار وتبردها بقلب سليم، ترتفع الهمم بقراءة اخبار الرجال، لن احدثك عن اقوياء اصحاء بل سأحدثك عن اصحاب عاهات من اهل الاعذار، ولكن اعذارهم لم تحل بينهم وبين الوصول الى الله تبارك وتعالى، تعرفون ابن ام مكتوم ؟ كلنا يعرفه ويعرف اخباره، اعمى من اهل الاعذار، اعمى ولكنه ليس بأعمى، رأى النور بقلبه فسار في الطريق يلتمس له نورا، جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم يقول:' بيتي بعيد والطريق كله ؟؟؟ وليس لي قائد يقود بي الى المسجد'، لديه جميع الاعذار الشرعية ليصلي بالبيت، فقال صلى الله عليه وسلم:' أتسمع النداء ؟'، فقال:'اسمع'، فقال له صلى الله عليه وسلم:' لا اجد لك عذرا'، فما تخلف الاعمى عن صلاة الجماعة، وما نام عن صلاة الفجر، فلماذا ينام المبصرون ؟ ولماذا يتخلف الاقوياء ؟ ولماذا يتكاسل الاصحاء ؟ الاعمى يلبي النداء، ولكنه ليس بأعمى، الاعمى والله من تخلف عن اوامر الله، وان كان يسمع ويرى، الاعمى والله الذي صد عن طريق الله وهو يرى الناس يسلكون صراط الله المستقيم، هل تظن ان همة الاعمى وقفت الى المحافظة على الصلوات -لا والله لا ورب الارض والسماوات- لما جهز عمر –رضي الله عنه- الجيوش للخروج الى بلاد الشام، تجهز الاعمى للخروج، وخرج لابسا عدة الحرب، فاذا بعمر –رضي الله عنه- يقول له:' الى أين تذهب ؟ الى اين تذهب يا ابن ام مكتوم وانت ممن عذرك الله، اما قال الله عز وجل 'ليس على الاعمىحرج' ؟'، فقال له بهمة عالية :' تحول بيني وبين الشهادة يا ابن الخطاب ؟'، فقال رضي الله عنه:' ماذا تصنع معهم ؟'، فقال له:'اكثر سواد المسلمين'، فخرج مع من خرج، ولما صفت الصفوف، لم يقل أصف بالصفوف الخلفية، واحموني من الرماح، ابدا بل وقف في وسط المعركة بهمته العالية وبنيته الصادقة وقف بوسط المعركة ثم قال:' انا احمل لكم الراية اليوم'، وهل تدري معنى هذا الكلام ؟ فالراية لا يحملها الا الابطال، لا يحمل الراية الا من هو اهل لحمل الراية، وهل تدري ما قد كتب على هذه الراية ؟ مكتوب عليها 'لا اله الا الله'، فوقف الاعمى وهو ليس اعمى، الاعمى –والله- انا وانت، حين عرف اصحاب الهمم العالية قيمة حياتهم، فقدوها من اجل الله، قال 'انا اكفيكم الراية'، فحمل راية 'لا اله الا الله' وسط المعركة وهو يعلم ان الثمن غالي، هو يعلم انه مستهدف في ارض المعركة، لاسقاط الراية وما سقطت الراية من يد الاعمى، لانه صاحب همة عالية، انتهت المعركة ذلك اليوم، فبحثوا عن ابن ام مكتوم فاذا هو متبسم قد فارق الحياة يحتضن تلك الراية، وقد نصر الله المسلمين ذلك اليوم نصرا مؤزرا، مات وهو يحتضن الراية، لكن كيف خرج، خرج من اجل اعلاء كلمة هذه الراية، كيف يبعث ؟ يبعث بين ملايين البشر الذين لا يحصيهم الا الله وهو يرفع هذه الراية، اسالكم بالله في ذلك اليوم الذي سيجمع الله فيه الاولين والآخرين كم هم الذين يحملون هذه الراية ؟ وكم هم الذين عاشوا من اجلها ؟ وكم الذين ضحوا في سبيلها ؟ اللهم اجعلنا منهم –آمين- ومعهم، اللهم انصرنا بالاسلام وانصر الاسلام بنا يا رب العالمين، نفعني واياكم بالقرآن العظيم، ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم، اقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :-
الحمد لله على احسان والشكر له سبحانه على توفيقه، واشهد ان لا اله الا وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، واشهد ان محمدا عبده ورسوله الداعي الى رضوانه اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه واخوانه.
اما بعد،
احبتي اوصيكم ونفسي بتقوى الله، اتقوا الله عباد الله، اتقوا يوما ترجعون فيه الى الله.
اعلم -بارك الله فيك- انه من شب على شيء شاب عليه، من شب على طاعات، شاب على طاعات، ومات على طاعات، وبعث على طاعات، والاعمال بالخواتيم، هذا خبر رجل من الرجال تربى على طاعة الله، وأفنى عمره وشبابه في مرضاة الله وبذل كل لحظة من حياته من صغره ومن حياته وحتى مماته من اجل ارضاء الله عز وجل، منذ التاسعة والعاشرة وهو يحب الاذان، حُبب اليه رفع الاذان، كان يستأذن مؤذن المسجد -وهو طفل صغير- ان يرفع الاذان من حين الى حين، فكان يؤذن له، حتى اذا بلغ الثانية عشر والثالثة عشر وقد اعتذر مؤذن المسجد، عُيَّن مكانه – اي هذا الفتى- مؤذنا للمسجد لحبه للاذان رغم صغر سنه، التزم بالاذان صغيرا، وشب على حب المسجد طفلا غلاما صغيرا، فشب وهو يرفع الاذان ويررد في كل يوم 'الله اكبر... الله اكبر' بلغ مبلغ الرجال ولما يتخلف عن الاذان، اسالكم بالله وهو يداوم على الاذان كم مرة حافظ على تكبيرة الاحرام ؟ كم جلس بين الاذان والاقامة يدعو الى الله ويتضرع اليه ؟ وكم جلس يقرأ القرآن ؟ وكم جلس في روضة من رياض الجنة ؟ ..وكم.. وكم؟ اصبح ابا وما تخلف عن رفع الاذان، وما منعته دنياه ولا تربيته لابنائه عن رفع الاذان، والصدع بـ 'لا اله الا الله والله اكبر' حتى اصبح شيخا كبيرا وما تخلف عن ذلك، يمسكون الناس ويفطرون على اذانه، اصبح شيخا كبيرا، ثقلت خطاه وهو يذهب الى المسجد وما تخلف عن الاذان، شب ابناؤه، وكبر ابناؤه، وقد تربوا تحت ظله ورعايته يحبون المساجد كما كان ابوهم، اراد اهله وابناؤه بعد سنوات طوال ان ينتقلوا من دار الى دار، ان ينتقلوا الى بيت بعيد عن المسجد الذي تربى فيه، وترعرع فيه، وقضى ايام حياته فيه، فانتقلوا فاصبح من الصعب ان يلتزم بالاذان ذهابا وايابا خمس مرات، فقال لابنائه:' خذوني الى المسجد لصلاة الفجر ولا ترجعوا لي الا بعد صلاة العشاء'، واستمر على هذه الحال لسنوات طوال، يمكث في بيت الله من صلاة الفجر وحتى صلاة العشاء في قراءة قرآن وذكر وخدمة بيت الله تبارك وتعالى، حتى ثقلت خطاه واصابه المرض، واقعده المرض بالبيت، واصبح من اهل الاعذار، كان اذا سمع النداء يبكي، ويتذكر كم مرة صدع بـ 'لا اله الا الله... والله اكبر'، حتى جاءت صلاة ظهر في أحد الايام احس في نفسه خفة وقوة، قال لابنائه:'خذوني الى المسجد'، فاغتسل وتطيب ولبس احسن الثياب ثم ذهب الى المسجد مبكرا قبل رفع الاذان، واستأذن من المؤذن حتى يرفع الاذان في ذلك اليوم، فأذن له، فرفع الاذان بعد ان انقطع عنه لفترة طويلة، اخذ يردد 'الله اكبر الله اكبر... لا اله الا الله...' وهو يبكي، ويتذكر تلك الايام الجميلة، فلما انتهى من اذانه ودعا بالمأثور رجع الى الخلف يصلي لله ركعتين، صلى وسجد ولم يرفع رأسه بعدها، صلى وركع وسجد ولم يرفع رأسه، ذهب الى ربه وهو ساجد، عاش وهو يحب الاذان، ومات بعد ان صدع بالاذان، شب عليه، وشاب عليه، ومات عليه، هو يحب الاذان، ويحب الصلاة، ويحب المسجد، ويحب القرآن، ويحب الدعاء، ويحب التسبيح، والتكبير، والتهليل، فماذا نحب انا وانت ؟ احبهم، احبوه فاحبهم وبذلوا انفسهم في مرضاته، فاحسن لهم الختام بالهمم العالية، بالنية الصادقة.
فيا ايها الشاب، اعمل فانت بزمن القوة، ايها الشيخ الكبير اعمل فانت في زمن الامهال، فالاعمار معلومة والاجال محدودة، اما ان توصلك همتك العالية الى اعلى الدرجات، او تودي بك اسفل الدركات، فاسالوا الله الهمة العالية واطلبوا العون على مرضاته، يقول شيخ الاسلام:' تأملت اجمل الدعاء فرأيته في طلب العون على مرضاته'، فردد صباح مساء 'اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عباتك'.
اللهم حبب الينا الايمان، وزينه في قلوبنا، اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتبعاه، وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، اللهم احفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق يا حي يا قيوم، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك الذين يقاتلون من اجل اعلاء كلمة دينك، انصرهم في الفلوجة وفلسطين، انصرهم في الشيشان وافغانستان، انصرهم في السودان وكل مكان، انر من نصرهم، واخذل من خذلهم...... آمين، آمين، آمين.
فترة الأقامة :
4435 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
4532
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
1.11 يوميا
بحـہة بكـى
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كل مشاركات بحـہة بكـى