تراث الكعبي «سنع» ومعانٍ وتاريخ
نَبَضَ قلبه بحب التراث، فوَجَدَ نفسه يسير نحوه بلا تردد، يأخذه حنينه لرائحة الماضي والأجداد، ويُبهِج قلبه «السَّنَع» بكل ما فيه من دفء ورقي، ليرتوي من نبع الأصالة في دولة تنافس العالم بتطورها وتقدمها الاقتصادي والثقافي والسياحي والتقني والعمراني، فجمع جمال الحياة بشطريها.
هو الشاعر خلفان بن نعمان الكعبي، مؤسس قرية التراث الثقافية في العين، التي بناها على نفقته الخاصة، ساعياً لتقديم الثقافة التراثية والعادات والتقاليد من خلالها بأجمل صورة.
«البيان» تواصلت مع خلفان بن نعمان، الذي أكد أن التراث ليس مجرد خيمة تراثية أو حرفة يدوية أو أكلة شعبية، وقال: التراث سنع، أخلاقيات ومعان وقيم ودين، وتاريخ أمة عربية تربت على عادات وتقاليد أصيلة، ومنهجية متكاملة يفترض أن يسير عليها الصغير قبل الكبير.
استمرارية
وعن مدى حضور التراث في دولة الإمارات قال: دولتنا في مصاف الدول المتقدمة والمنافسة في كل المجالات، وشيوخنا وحكامنا ومسؤولونا ينافسون بكل قوة للارتقاء بها، ورغم ذلك، فهناك توجه جميل يختص بالمحافظة على التراث، فسباقات الخيل والهجن حاضرة بقوة، والتراث سيد الأعياد والمناسبات، ولأن حضوره يتركز فيهما، فأنا أطالب باستمراريته حتى لا يكون موسمياً. وأشار الكعبي إلى أن إدراج اليونيسكو لمدينة العين على قائمة التراث الإنساني العالمي، يفرض عليها فتح أبوابها للجمهور على مدار العام ليكون تراثها حاضراً لا يقتصر على المناسبات فقط.
أصول السَّنع
وذكر الكعبي أنه من الضروري أن نعزز لدى أبنائنا أصول السنع، وقال: أصبح العالم قرية صغيرة في ظل العولمة والتكنولوجيا التي طغت على كل المجالات، وأصبح الطفل ينشأ بين الأجهزة وآخر التقنيات، وعلى الأهل أن يلتفتوا لذلك، ويهتموا بتنشئة أبنائهم على
«السنع».
ويسعى الكعبي جاهداً لتعزيز قيم التراث وغرس أصول «السنع» لدى أبنائه، وقال: أصبح أبنائي اليوم يشاركوني الاهتمام بالقرية التراثية، وها هم يتابعون فعالياتها ويشاركوني في تنظيمها والقيام عليها.
وعما إذا ما كان هناك من يهتم بمجال التراث في يومنا هذا قال: هناك اهتمام، ولكنه لا يرضي طموحي، فرغم وجود الجهات المختصة بالتراث والتي تقوم بدورها في المهرجانات من خلال تقديم الفعاليات المختلفة، إلا أن ذلك غير كافٍ، فالتراث والعادات والتقاليد يجب أن تُقدَّم في قالب تعليمي، وأتمنى أن يتحول «السَّنع» إلى مادة أو حصة تعليمية يتم إدراجها ضمن المنهاج الدراسي، أو على الأقل أن تكون هناك ورش عمل حول «السَّنع» تنظمها وزارة التربية والتعليم، ليتعلم أبناؤنا أصوله ويبقى حاضراً لدى الأجيال المتتابعة.
بدايات عشق
بدأ عشق خلفان الكعبي للتراث يتجسد على هيئة قرى تراثية بناها لتصوير المسلسلات المحلية، ك«حظ يا نصيب» الذي بنى فيه قرية تراثية متكاملة و«دروب المطايا» الذي قدم فيه قرية تراثية لثلاث بيئات حملت الطابع الصحراوي والبحري والزراعي، مستعيناً بشركته المتخصصة في بناء القرى التراثية. وعن خبرته في هذا المجال قال: عشنا مع أهلنا في قرى صغيرة في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، وزاد احتكاكي بكبار السن والشعراء والمختصين خبرتي في هذا المجال.
وانطلقت بعدها فكرة تأسيس قرية التراث الثقافية في العين التي فتحت أبوابها في 2011 في نادي العين للهواة، على مساحة تبلغ 66 ألف متر مربع، وعنها قال الكعبي: هدفي من القرية إفادة المجتمع من خلال تقديم فعاليات ومهرجانات تراثية أقدم فيها كل ما يختص بالتراث، وتحتوي القرية على أقسام متعددة.
ورغم تمسكه بالتراث، إلا أن بن نعمان لا يتوانى عن اللحاق بركب التطورات التقنية، وقال: أجاري التقنيات وأتأثر بمحيطي، وأمتلك حسابات خاصة شخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، وأواكب العصر بكل جماله، إلا أن ملامح التراث تفرض نفسها عليّ بلا شعور مني، فزوايا منزلي العصري مُطعَّمة بالتراث، وحديقة منزلي تتنفس تراثاً.
م/ن