بني مازن جارة قمتي السودة وتهلل وحاضنة مسجد يزيد
نادية الفواز- سبق- أبها:
على ارتفاع نحو ثلاثة آلاف قدم، تمثّل قرى بني مازن منظراً بانورامياً فريداً مطلاً على مدينة أبها.
وتبعد قرى بني مازن 8 كيلومترات عن المدينة غرباً على مساحة نحو 4500 كيلو متر، على محاذاة من قرى السودة وجبل تهلل جنوباً، تجمع ما بين الطبيعة الخلابة من مدرجات زراعية على المرتفعات ومزارع أخرى في واديها، وتحوي تراثاً عريقاً في كثير من بيوتها القديمة التي تبقى شواهد مضيئة على تاريخ ضارب في أعماق التاريخ.
ومن أبرز هذه القرى قرية المخض التراثية التي تضم مسجد يزيد بن معاوية الذي يعود إلى عام 70 للهجرة النبوية بحسب إمام وخطيب الجامع الشيخ عائض بن عبدالله الجهري والذي بين أنه عندما تم ترميم المسجد عام 1413هـ وجدت ألواح خشبية في سقف المسجد ما زالت موجودة عنده، تشير إلى عمر المسجد.
والمصلى عبارة عن دور واحد أبعاده 15.7× 4.6م مبني من الحجر، وسمك الجدار حوالي 60 سم، وله باب واحد يتوسط الفراغ في الجهة الجنوبية، ويحتوي على أربع نوافذ منها: 2 من جهة الحوش، وأخريان من الجهة الشمالية، أحدها يفتح على المئذنة، ويغطى السقف بألواح من شجر العرعر المحمولة على سواري من جذوع العرعر المحمولة على جدران الحوائط، وهناك بعض الزخارف المنقوشة على الخشب بشكل مميز، وقد تمت إزالة الجزء العلوي من السقف المكون من الطين، واستبدال ذلك بألواح من الخشب، ومن ثم صب الخرسانة على السقف بالكامل.
وفي سقف المسجد فتحة فوق المحراب مباشرة، كانت تفتح للتهوية والإنارة في حال قراءة الخطيب أو إمام المسجد وتسمى (جوبة)، وفي الجدار الجنوبي قطعة بارزة من الحجر وتستخدم لوضح الإنارة عليها.
وتوجد بالمصلى أماكن الوضوء وهي في الجهة الجنوبية وعددها 7، يتخللها مجرى الماء، من الحجر المغطى بالجص (القضاض)، والمنزالة وهي غرفة فوق سطح المسجد تستخدم لأغراض متعددة، وأيضا هناك غرفة في حوش المسجد تستخدم لاجتماعات أهل القرية.
وبشكل عام فإن القرية عبارة عن مجموعة من الحصون والمنازل المبنية بالحجر والمسقوفة بالخشب، تقدر بـ 84، وتتكون هذه الحصون من 3 إلى 4 أدوار، أما بقية المنازل فهي مكونة من دور واحد إلى دورين، وما زالت هذه الحصون والمنازل محافظة على بنائها القديم، وغالبها غطيت بمادة الجص من الخارج، أما من الداخل فقد بدأت تنهار، وذلك بسبب هجرها وعدم الاهتمام بها، مما قد يؤدي إلى انهيار المباني بالكامل.
وتمتاز قرية المخض بممراتها التي تتخلل القرية، وتمر من تحت المنازل، حتى إن بعضها ينتهي بسد، وهذه ميزة لا توجد في كل القرى المشابهة لها، ولها أربعة مداخل رئيسة واستراتيجية، وحامية حربية حسب ما تقتضيه، بينما تنحصر الحصون تقريباً في الباطنة وفي المخض وقلاع.
وتوجد في قرى بني مازن جبل كوثر الذي يمتاز بإطلالته على أبها والسودة وبأشجار الطلح والعرعر التي تعود لمئات السنين، ومزارع تنتج القمح والخضروات وبعض المشمش والخوخ والكومثرا.
ويدعم إنتاج المزارع، وجود المياه الجوفية النادرة على ضفاف الأودية والذي يعتمد على ما تجود به السماء، كما أن القرية بها وادي المخض الساحر بشلالته ومياه المتدفقة، ويشتهر بشجرة الحبق العطرية، ويصنف بالرافد الرئيس لسد أبها.
وقال حسن المازني وهو أحد أعيان القرية: "أي تطوير ربما سيكون تشويها للطبيعة والتراث، ويجب عدم التعدي عليهما، وإن الإيواء بقرى بني مازن لا يتجاوز أدوار تؤجر، أو شقق بدأ استثمار نشط لا بأس به واستراحة للاحتفالات أهالي قرية".
وأضاف: "بني مازن قبيلة محافظة على التراث المنقولة وغير المنقول، ونمط الألحان الخطوة والدمة والزامل والحادي، بعضها انقرضت، وتؤدى في المناسبات".
من جهته، قال مدير عام فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بالمنطقة المهندس محمد العمرة إن تطويرًا وتأهيلاً ينتظر قرية المخض التراثية عما قريب.
وأضاف: "أمانة المنطقة درست القرية أيضا ووثقتها، و بالنسبة لمسجد القرية فإن فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف طلب عمل مقايسة شاملة بأعمال الترميم للمسجد وتحديد التكاليف اللازمة لذلك ليتم رفعها للوزارة لإكمال اللازم".
وأردف "العمرة": "بني مازن تقع ضمن المسار السياحي الذي توليه الهيئة اهتماماً، وتجري عليه جهوداً، سترى النور في الفترة المقبلة، ضمن مبادرة "عسير.. وجهة سياحية رئيسة على مدار العام".