اووووف وش ذا الحر ...!!
عبارة دائماً ما نسمعها مع قدوم فصل الصيف ، ذلك الفصل الذي بقدومه تمتلئ الأجواء بحرارته ، وتسطع شمسه المحرقة ، وتهب فيه رياح حارّة ، فتجد كثير من الناس يطلقون عبارات التذمر ، في ظل نسيان أحدهم نعم الله ، القائل : ( وإنْ تَعدُوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تُحْصُوهاْ ) ، وفي خوضه غمار الدنيا ، وغوصه بحار ملذاتها ، وارتكابه شتى أنواع المحرمات : موسيقى ، تدخين ، عصيان ، عقوق ، إسبال ، غيبة ، نميمة ، تأخير للصلوات ، قطع للرحم ... إلخ !!
وهو في غفلته تجده قد نسي ( نار جهنم ) تلك النار التي أوقد عليها ألف سنة حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم أوقد عليها حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة كالليل المظلم ، ولا نزال نسمعهم يقولون : ما أشد حر الصيف وما أقبحه ...!! ( قلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ) سورة التوبة
وفي الحديث الطويل في صحيح الجامع ((... وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه، معهم المسوح ، فيجلسون منه! مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول أيتها النفس الخبيثة! اخرجي إلى سخط من الله وغضب، فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث؟! فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، فيستفتح له، فلا يفتح له ،فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحا، فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك ؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقول! ان له: ما دينك ؟ فيقول هاه هاه لا أدري ، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول: هاه هاه لا أدري ، فينادي مناد من السماء: أن كذب عبدي ، فأفرشوه من النار، وافتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره، حتى تختلف أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول : من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر؟ فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: رب لا تقم الساعة ))
فما أهون حر الدنيا ...!!
وما أشد حر جهنم ...!!
وعن المقداد بن الأسود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه (1) ومنهم من يلجمه العرق إلجاما )) رواه مسلم .
أما آن أن نَعود إلى ربنا عودة صادقة ..؟ فما أحوجنا إليهِ جل وعلا ، وهو غنيٌ عنا سبحانه ...!!
فيوم القيامة لن ينفع الواحد منا إلا ما قدم من عمل فـــ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ ) و (مَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَمٍ لِّلْعَبِيد ) سورة الجاثية .
ثم اعلموا أن ما نحن فيه من حرّ هو من جهنم كما في الحديث :
( اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب ، أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين ، نفس في الشتاء ونفس في الصيف ، فهو أشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير ) (2)
فلنحرص على ما نثقل به موازين أعمالنا يوم القيامة (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ * فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ )
اسأل الله سبحانه بمنة وكرمه أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه كما اسأله تعالى أن يجمعنا سوياً في مستقر رحمته ، في الفردوس الأعلى من جنته إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه ...