حين تراهم لأول وهلة أو تسمع عنهم تظن أنهم لا يُعانون أي مُنغِّصات، وتنسى أنهم من الطينة ذاتها التي خُلِقْتَ منها « وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ ». عوِّد نفسك الاستمتاع باللحظة الجميلة دون شروط تعجيزية، وتَجنَّب طرح الأسئلة ولو مؤقتاً! وعليك أن تعتقد أن تغيير المزاج إلى حالة إيجابية متفائلة ممكن، ومن دون هذا لن تحصل على الرضا والسرور الذي تنشده. لحظة الألم بجوار لحظة السعادة.. حُبْلَى تُعاني آلام المخاض، ويضربها كالريح المدمدمة يكاد يُهشِّم عظامها.. يكفي أن ترى وليدها وتلمسه وتشمُّه أو تسمع صرخته؛ لتنسى كل شيء، وتبتسم في قلب العاصفة! لحظة العطاء المعنوي أو المادي ولو يسيراً تُفجِّر ينابيع الفرح في القلب حتى ليُصبح المُعطي أشد فرحاً بما يُعطي من الآخذ بما أخذ، « تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ مِنْ دِرْهَمِهِ مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ -حَتَّى قَالَ- وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ »! لحظة الحنان والإشفاق تتجلَّى في كلمة حُبٍّ تبوح بها لصديق أو حبيب دون خجل أو تردد أو ارتباك، وأنت تدرك كم يحتاجها هذا الحين وكل حين. عوضاً عن الأحزان والدموع التي سوف تسكبها بعد رحيله، عَجِّل له الآن قدراً من إحساسك النبيل غير مقرونٍ بنصيحة ولا بطلب مصلحة عاجلة! لا أَلفينَّك بَعدَ المَوتِ تَندُبُني وَفي حَياتِيَ ما زَوَّدتَني زادي هذا المعنى بالفصيح وهو بالدارجة كما قيل: يا صاحبي في خاطري اسالك شي شيٍّ معكر كل صافي حياتي! إن كنت مدري عن غلاتي وانا حي وش مكسبي كانك حزنت لوفاتي! في كلمة طيبة من قلب طيب ولسان مبين؛ تقديراً لكبير، أو رحمةً لصغير، أو تواضعاً لقرين.. وما الناس إلا واحد من هؤلاء الثلاثة. في جرعة غضب تُغْمِض معها عينك، وتُدرِّب خلاياك وأنسجتك على الصفح والتفويت والتسامي، والسبب ببساطة أنك ستحتاج يوماً إلى من يفعل معك الشيء ذاته! في مشاركة آخرين الفرح؛ باجتماع شملٍ، أو تفريج كَرْبٍ، أو نجاح، أو تفوّق علمي أو مالي أو وظيفي.. وإذا لم يُطق قلبك الاندماج في مهرجان الفرح، فليكن لسانك ناطقاً بما تتمنى أن ينطوي عليه قلبك من حب الخير للآخرين.. هذا نقيض الحسد. إِنِّي لَأَرْحَمُ حَاسِدِيَّ لِحَرِّ مَا ضَمَّتْ صُدُورُهمُ مِنَ الأَوْغَارِ نَظَرُوا صَنِيعَ اللهِ بِي فَعُيُونُهُم فِي جَنَّةٍ وَقُلُوبُهُم فِـي نَارِ في لحظة قرب ووصال لا يُنغِّصها طيف التَّفرُّق، ولا يُكدِّرها اختلاف الطبع.. وأَبْرَحُ ما يكون الشوق يَوْماً إذا دَنَت الخيام منَ الخيام أو لحظة شوق لقلبٍ أضناه البُعْد والهجران، فصار يجد صورة الحبيب وذكراه فيما حوله! أحمامةَ الوادي بشرقيِّ الغَضا إن كنت مسعفةَ الحبيب فرجّعي إنّا تقاسمنا الغَضا فغصونه في راحتيك ، وجمره في أضلعي! في حوارٍ جاد قاصد لا لغو فيه ولا تأثيم، بل اختلاف نظر يُثري ويُثير، ويقدح زناد الحكمة والفكرة. في لحظة غضب أحسست فيها بالتفوق على ذاتك، وإلجام ثورة نفسك، وحظيت باللقب النبوي الزكي (الشديد)، وملكت نفسك بدل أن يملكها الشيطان! في ذكرى أليمة أطافت بخاطرك، وأعادت إليك ما كنت ناسياً يوم سقطت أو أشرفت على هلكةٍ أو واجهت موقفاً تَحُفُّه المخاطر ثم نجوت؛ لتكون ذكراه مبعث ابتسامة عذبة، وسبب حديث سردي مسترسل! في لحظة بحث معرفي يستشرفه عقلك، وها أنت تظفر بما كنت تطلب بعد أن أعياك السؤال والتحرِّي والتطواف.. إنها لذة العقل الشريفة. في لحظة إخبات وسجود اختلط فيها الفرح بالدمع بالشكر بالبهجة بالحبور، حينما سجد بدنك وقلبك وعظامك وأحشاؤك وعقلك وضميرك وروحك. تجربة عاشها الأستاذ مصطفى محمود ووجد أثرها (حينها سكت داخلي القلق، وكفَّ الاحتجاج، ورأيت الحكمة في العدل فارتضيته، ورأيت كل فعل الله خيراً، وكل تصريفه عدلاً، وكل قضائه رحمة، وكل بلائه حباً). م / ن |