توافقت الأمم قديمها وحديثها على الإهتمام بالنشئ وصياغيته بما يتناسب مع زمانه ومكانه، وذلك من خلال غرس قيم ومبادئ ينشأ فيها ويعيش بها ويزود عنها ، فصناعة الفارس في المجتمع العربي الجاهلي مثلا كانت تتطلب سلامة لسانه وبناء قوامه . وحديثا نجد الطفل الإمريكي ينشأ على أنه (السوبرمان ) من خلال مفاهيم ايحائية يتلقاها يوميا عبرالشاشة كرسوم متحركة أو مشاهد متلفزه توحي اليه على انه البطل الخارق. وبجانب هذا الطفل (السوبرماني )المغرور ينشأ أطفال في نواحي مختلفة من العالم فى معاناة إما بقسوة من البيئة أو الأسرة فتنموا اجسادهم النحيلة وتقتل فيهم روح الإبداع ، وأحيانا ينشأ أطفال في بيئة ( السوبرمان ) لكن أسرهم تحشوهم بما حلى من المتاع وتنزع عنهم روح الإبداع من حيث لاتدري .
هذه المقدمة تجعلنا نحسم بأن الإنسان يمكن أن يصنع ، وهو قابل لتفنن الصانع يخرجه جميلا أو قبيحا . والصناعة هنا لا تعني هيكله بقدر ما تعني وجدانه ، هذا اليقين بأن الإنسان يصاغ وان أفضل مرحلة هي مرحلة طفولته يشجعنا أن نطرح بعض المفاهيم لصناعة الطفل المبدع وهذا نابع من الإحساس بحوجتنا لأطفال مبدعون تقر بهم أعين والديهم ويساهموا في رفعة مجتماعاتهم .
فالطفل المبدع هو الطفل القادرعلى ايجاد الأفكار والوسائل الجديدة والمتفردة لتكوين الأشياء في المستقبل ، وليكون الطفل قادرا على ذلك يطلب بيئة تخلق فيه روح الإبداع وتساعده على تنمية المواهب والقدارات العقلية التى يتمتع بها ما بين 96-98 % من اطفال الدنيا ، حيث اثبتت الدراسات أن نسبة الأطفال خارقي الذكاء فوق العادة أو الذين هم دون العادة لا يتجاوزون 2- 4% . وهذا يجدد فينا اليقين بأن الطفل اما أن تصنع فيه روح الإبداع أوتقتل ، والصانع والقاتل لايخرجان اما من بيئة الأسرة التى يعيش فيها الطفل أو المدرسة التى يتعلم منها أو المجتمع الكبير الذي يعيش بينه . وبما أن الأسرة هي حجر الأساس سيكون التركيز عليها في هذا المقال من خلال المفاهيم التالية .
- كن راعيا لإبنك لا وصيا عليه : فرعاية الطفل المبدع لانعني بها الرعاية الصحية والغذائية وان كانت تتداخل مع الرعاية الإبداعية ، وهي اكتشاف مواهب الطفل وتنميتها واحترام قدراته العقلية برفع الثقة في النفس والإعتماد على الذات ومنحه فرصة التعبير عن نفسه وتقبل تسائلاته وتشجيعها لمساعدته على الثقة بالنفس في التحدث أمام الآخرين ، والفرق بين الرعاية والوصاية هي التعامل مع الطفل على أنه كامل أو قاصر .
- امنح ابنك الحرية المسؤلة بدلا من المراقبة الدائمة : الطفل الذي يعيش تحت المراقبة يفقد الثقة بمن حوله ، وهروبا من واقعه المرير يهدم لبنات القيم النبيلة الواحدة تلو الأخرى ، فيتعلم الكذب وهو يدافع عن نفسه وأفعاله ويحترف السرقة لقضاء حوائجه ، وهذا بعكس الحرية المسؤلة التى تبني فيه الثقة ومراقبة ذاته لا خوفا من الأسرة وانما احتراما وتبجيلا .
- تفهم رغبات ابنك بدلا من كبحها : الطفل له مشاعر ورغبات مثله مثل الكبار ، والكبت المتكرر يولد لدى الطفل نوع من الإحباط أو التمرد على هذا الواقع بالذات في فترات المراهقة ، كما يفقد الثقة بمن حوله ويسعى لإشباع رغباته بعيدا عن أعين الوالدين مما يوسع الفجوة بينهما في المستقبل لأنه كلما تولدت عنده رغبة جديدة تجاه شئ معين كلما حاول اشباعها بطريقته الخاصة ، ولعل في بعض الأحيان يتطلع الوالدين الى التفوق الدراسي لولدهما ذكرا كان أو أنثي ويكون تركيزهما في المذاكرة والمراجعة وتحت الحرص الشديد منهما تنسى أوقات لعب الطفلولهوه وناتج ذلك يكون احدى شيئين تعلق الطفل بألعابه وجدانيا واهتمامه بدروسه ظاهريا ، أو تعلقه بالمذاكرة والمراجعة وتبلد الحس الطفولي وتولد الإنطوائية لديه والإحساس بالنقص لعدم مواكبته مستجدات الألعاب وأحداثها والتى تكون حديثا مداولا بين زملائه في المدرسة . ولتلافي هذه الإشكالية لابد من التفهم لرغبات الطفل و التوازن فى اشباع رغبات الطفل ورغبات الوالدين ، ولا ننسى أن ألعاب الطفل تولد فيه ملكات الإختراع والإبتكار .
- كن صديقا لإبنك لامتسلطا عليه : ربما يستغرب البعض كيف يكون الوالدين متسلطين على ولدهما وهو فلدة كبدهما وزهرة حياتهما ، نعم قد يتسلط الوالدين على ولدهما من خلال التشكليك في قدراته وتصغيرهما له وكل ذلك يحصل من باب الحرص على مصلحة الطفل ، كما أن الطفل يتلقي يوميا محاضرة أو محاضرتين أو أكثر وبلا أدنى ابداء للرأي بل حتى مجرد طرح نوع من التساؤل . وهذه النظرة الإستعلائية تتبدد معها كينونة الطفل وتعطل فيه الكثير من القدرات . وللخروج من هذه الحالة السلبية يمكن خلق نوع من الصداقة الدائمة بين الطفل ووالديه ب****** نوع من الأنشطة معه وكذلك منحه فرص للنقاش والأسئلة بل اشراكه في المشورة بالذات فيما يتعلق به من مشتروات ورحلات وغير ذلك ، ومحاولة اقناعه في حالة عدم الإقتناع بأرائه ، وهنا ساهم الوالدين في صناعة طفل مبدع واثق بنفسه متسامحا مع الآخرين يعلي الحوار ويتمتع بمقدرات الإقناع .
ان صناغة الطفل المبدع تتم من خلال اكتشاف مواهبه ومقدراته وتنميتها وتوجيه طاقاته الكامنة ومساعدته على اظهارها ولايتم ذلك الا بالثقة بإمكنياته ومقدراته .
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
منقول