كثيرًا ما نردد تلك العبارات: "تحدث إلى نفسك" "ناقش نفسك" "ابحث عما بداخلك" وأمثالها، ولكن هل التحدث إلى النفس مهارة يمكن اكتسابها؟
إذا كان التحدث إلى النفس للوصول لنتائج إيجابية مهارة – وهذا ما أراه – فإن تلك المهارة بحاجة إلى معرفة ومن ثم اقتناع وممارسة لاتقانها.
ليس من السهل أن تتحدث إلى نفسك، الكثيرون يخافون هذا الحديث بالرغم من سريته،
السبب وراء هذا الخوف هو حاجة هذا الحديث للصراحة التامة والوضوح والقوة في النقد
، عندما نتحدث إلى أنفسنا فنحن كمن يقف أمام مرآة كاشفة وجارحة أيضًا، من الضروري ان تعكس
تلك المرآة ذواتنا بوضوح، تعكس أجمل ما فيها وأسوأ ما فيها، تبرز نقاط قوتنا وضعفنا،
لا مجال هنا للمجاملة، إن المجاملة تعني الاستسلام للخوف من المواجهة، وهذا الخوف يعني الضعف والعجز.
هذا يعني أن أهم ما يجب أن تتعلمه هو الشجاعة، والشجاعة كما تحدث عنها براين تريسي في كتابه "الأهداف"
ـ ليست عدم الخوف؛ وإنما هي مقاومة الخوف والسيطرة عليه، لأن الطبيعة البشرية غالبة فينا جميعًا،
ومصارحتها هو الحل الأمثل دومًا، نحن نخاف وتلك حقيقة، وأسباب مخاوفنا كثيرة جدًا ومتنوعة،
ولكن الشجاعة هي أن نقاوم هذا الخوف وألا نركن إليه، الخوف يقود للاستسلام والضعف
والخضوع، ويمنع من المجازفة والتجربة والتطور والتقدم للأمام.
ومقاومة الخوف تستلزم قدرًا من المعرفة: معرفة أسباب الخوف، معرفة طرق التفكير في الخوف،
معرفة استراتيجيات التعامل مع العقل اللا واعي خاصة للتغلب على الخوف، وأنت لن تستطيع ابدًا أن تتم حوارًا صادقًا
وبناءُ مع نفسك مادمت خائفًا تفتقر إلى الشجاعة وتفتقر للمعرفة أيضًا.
إن ما تتحدث عنه كتب علم النفس والتنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية ليس خيالًا أبدًا،
كل ما في الأمر أننا لم نجرب تطبيق ما يرد فيها، ولو جربناه لوجدناه صالحًا للعمل، دائمًا ما تعتمد النصائح في هذا الجانب
على محاورة الذات بصراحة، ونقدها نقدًا بناءً، وتفنيد أسباب مخاوفها وتبريراتها، ومواجهتها بالحقيقة.
إن المواجهة بالحقيقة صعبة وقاسية وتلزمها الشجاعة، كما يلزمها التجرد من الخجل مؤقتًا،
ليس من الصواب أن تناقش ذاتك في تصرف ما وتستبعد خيارًا كالأنانية بداعي الخجل من أن توصم بتلك الصفة،
وإنما الشجاعة أن تطرح هذا الخيار كباقي الخيارات، ثم تناقشها واحدًا واحدًا.
إن معرفتك لذاتك تجعل من السهل عليك علاج مشكلاتها أو حتى طلب المساعدة والعون من الآخرين،
في بعض الحالات نعرف علَّاتنا ولا نجد من يساعدنا، ولكن هذا أخف وطأة ممن يجهل أسباب المه في الحياة.
إن أولى شخص بصداقتك الحقيقة هو أنت، صادق ذاتك، كن شجاعًا وصادقًا ومخلصًا معها، هذا لا يعني ان تكون أنانيًا ، فرق كبير بين هذا وذاك.