عندما أعلنت إليسا عن رغبتها بتصوير كليب لأغنية "يا مرايتي" لم يكن أكثر المتفائلين يتوّقعون أن ينصف الكليب الأغنية التي حقّقت نجاحاً جماهيرياً كبيراً ومسّت بالعمق أحاسيس كثر كلّ منهم رسم لها سيناريو مغايراً، لكن المخرجة المبدعة إنجي جمال كان لها رؤية أخرى، هزّتها جريمة حصلت قبل سنتين في لبنان، فقرّرت أنّ هذه الجريمة لا يجوز أن تمرّ مرور الكرام، ليخرج الكليب بقضية لامست كل من شاهد.
على مواقع التواصل الاجتماعي كان ثمة إجماع على الكليب، هو ليس مجرد عمل متكامل لناحية القصة والإخراج والأداء فحسب، بل هو قضية لم يعالجها أي عمل فني من قبل بهذه الحرفية، خصوصاً أن العمل رفض أن يغرق في السوداوية، وانتهت القصة على نصيحة مفادها أنه دائماَ في نهاية النفق، ثمة بدايات جديدة تستحق أن تعاش.
بعد ساعات من إطلاق الكليب كان لنا لقاء مع مخرجته إنجي جمال التي كشفت الكثير من التفاصيل:
*كيف تمّ التعاون بينك وبين إليسا في أغنية "يا مرايتي"؟
عندما طلبت منّي إليسا أن أقوم بإخراج الكليب أصبت بتوتّر لأن الأغنية ناجحة جداً بدون كليب، شعوري بالتوتّر يشبه شعور أي مخرج يقوم بتحويل كتاب ناجح إلى فيلم قد يشاهده المشاهد ثم يحكم أنّ الكتاب كان أفضل. فكل مشاهد كان قد رسم في رأسه قصة للكليب، حتى أنه قيل لإليسا بما معناه أنّ ما فائدة أن تقدّمي كليباً لأغنية ناجحة أصلاً؟ وأنا وقعت في حيرة من أمري لأنّي أردت أن أقدّم عملاً لا يخيّب أمل من أحبّ الأغنية.
*من أين جاءت فكرة تحويل الأغنية إلى قضية لمحاربة العنف ضدّ المرأة، مع أنّ كلماتها لا توحي بالضرورة بذلك؟
جلست مرّة مع سيّدة قالت لي إنها عندما تسمع الأغنية تشعر أنها قصّة حياتها، وهي بالمناسبة امرأة تتعرّض للعنف، وكنت قبلها سمعت بقصة رولا يعقوب التي قتلها زوجها، وكانت تتعرّض للعنف بشكل يومي، وعندما شاهدت قصّة رولا على التلفزيون، كنت أرضع ابنتي، وعلمت أنها أم لبنات قتلها زوجها على مرأى منهن، وأصغرهن لا تزال ترضع فتأثرت كثيراً بقصتها، خصوصاً عندما رأيت أمها تتحدث عنها، حتّى أنّي حاولت الوصول إلى عائلتها للحديث مع أمّها، أردت أن أقدّم لها أي دعم لكني لم أصل إليها، لذا عندما فكرت بأغنية "يا مرايتي" قدّمت لإليسا ثلاثة ستوري بورد، لكنّي قلت لها إنني مقتنعة بتلك التي صورناها.
*هل ترددت إليسا؟
في البداية استغربت، لكني أقنعتها بضرورة أن يحمل الكليب بعداً إنسانياً ليخدم الأغنية، وأخبرتها عن تأثري بقصّة رولا يعقوب، فوافقت ووضعت ثقتها بي، واجتمعت كل الإمكانات لإنجاح العمل، من قصة وإنتاج وأداء إليسا.
*لماذا عدتم بأحداث القصة إلى حقبة الماضي؟
نحن كنا نقصد ألا نحدّد أي زمن للكليب لأن راعي الأغنية هو هاتف سامسونغ الجديد، بالتالي من غير الممكن أن نصوّر الكليب في حقبة ماضية، وأصلاً السبونسور كان موجوداً قبل أن نعرف قصّة الكليب، لذا أحببت أن أعطيه بعداً في القصة كي لا يكون مجرد إعلان دخيل على الكليب، والشركة الراعية كانت متفهمة جداً، فلم نركز على ميزات الهاتف بل أعطيناه بعداً إنسانياً بأن وضعنا صورة إليسا وأولادها على واجهته.
*لماذا وقع اختيارك على صربيا بالذات لتصوير الكليب؟
كنت أبحث عن لوكايشن وطلبت من الشركة التي أتعامل معها أن تساعدني بالبحث عن مكان لتصوير العمل، وأوّل ما وصلتني صور المكان أغرمت به، وبالمناسبة الطريق الذي صوّرنا فيه الأغنية هو ستوديو خارجي، وهو أمر يسهّل عمل المخرج، لأنّنا لا نعود مضطرين إلى إقفال طريق كامل لتصوير مشهد، بل تكون مدينة كاملة تحت تصرفنا.
*كل التفاصيل في العمل كانت مثيرة للاهتمام، خصوصاً لوك إليسا وملابسها، لماذا اخترت لوك الريترو؟
اخترت الريترو بسبب سحره، فهو ساحر ومتواضع في نفس الوقت عكس المودرن الذي يكسر الإحساس أو يشعرك ببرودته، كان أمامنا خياران إمام الذهاب إلى قرية لبنانية فقيرة مع تصوير مشاهد واقعية، أو الذهاب إلى الريترو مع مود متواضع يحتوي على الكثير من الجماليات.
*قد يسأل البعض لماذا يمرّ مشهد باللغة الإنكليزية في كليب عربي؟
هذا المشهد بالذات كنت أتمنّى أن يكون باللغة العربية، لكن الممثلين الموجودين هناك كانوا صربيين، وكان ثمّة استحالة أن يتكلموا العربية، ولو كان معنا ممثلة من لبنان لما قبلت أن يمرّ مشهد إنكليزي في الكليب.
*الولدان اللذان مثّلا في الكليب أبدعا خصوصاً الفتاة، كيف تمّ اختيارهما؟
قمنا بأكثر من كاستينغ لأولاد كثر، ووقع الاختيار على الطفلين وهما صربيان، أما الموديل فهو من ميلانو نصف إيطالي ونصف برازيلي فقد اخترناه لشكله وقد فاجأنا بقدرته الهائلة على التمثيل.
*مشهد إليسا عندما ترفع صوت التلفزيون كي لا يسمع أطفالها شجارها مع زوجها أثّر بالكثيرين؟ لماذا هذا المشهد بالذات حصد أعلى نسبة من تعاطف المشاهدين؟
هو مشهد مهم لأنه يكمّل الفكرة الأساسية التي وضعتها، فكثيرات يتعرضن للعنف ويخجلن أن يفصحن عن معاناتهن، وهي واحدة منهن، ترفع صوت التلفزيون لتخفي معاناتها عن أطفالها، تمشي في الطريق وتبتسم لتخفي عن جيرانها ألمها، هي مثال للسيدة الحريصة ألا يعرف أحد ماذا يجري خلف الأبواب الموصدة.
*برأيك ما هي عوامل نجاح هذا الكليب الذي حصد إجماعاً قلّما يحصده عمل فني؟
القصة والإنتاج والأغنية وإحساس إليسا في الأغنية التي تذكرها في نواح عدّة بوالدها وما يساويه بالنسبة لها شعوراً بالحنين لماض وأيام ووقت مضى، لم يكن سهلاً إخراج إليسا من هذه الحالة إلى قصة مغايرة تماماً، ربما أن الوحيدة التي رأت هذا الجانب وألبسته للأغنية. انا والسيدة التي حدّثتني عن معاناتها[/QUOTE]