مثلما تبدأ كل فتاة بعد بلوغها سن المراهقة في رسم صورة لمن تتمنى أن يكون لها زوجًا يقاسمها عمرها، ويسعدها ويأنس بها، ويغرقها حبًا وحنانًا وأماناً، يحلم كل شاب أيضًا في هذه السن بمن سيختارها زوجة تشاركه حياته، ويسعد بها، ويسكن إليها، وتكون له خير معين على مواجهة عقبات وأعباء الحياة.
فرغم تفشي ظاهرة الطلاق السريع التي يشهدها الوطن العربي منذ عدة سنوات، إلا أن أحدًا من الشباب – لا سيما من يبذلون جهودًا مضنية، ويتكبدون أموالًا كثيرة لإعداد بيت الزوجية - لا يتزوج وفي مخيلته فكرة الطلاق، لكن حالة التصادم الناجمة عن اختلاف الطباع والمستويات التي يتعرض إليها الكثير منهم، تضطرهم إلى الطلاق بغية النجاة من المتاعب والآلام التي فوجئوا بها بعد الزواج.
إذ حولت أحلامهم الوردية الجميلة بشريكة العمر قبل الزواج إلى كوابيس مزعجة يُرجى الإفاقة منها سريعًا لصعوبة تحملها.
وهذا لا يعني أن كل الشباب يفشلون في اختيار شريكة العمر ولا يبذلون جهدًا لتحقيق حلمهم الجميل على أرض الواقع، وإنما من الشباب من ينجح نجاحا باهرا في حياته الزوجية لأنه أحسن الاختيار على أساس الدين والخلق قبل أي شيء آخر.
هناك عدة صفات يبغيها الأزواج ويتمنون توافرها في زوجاتهم ومنها:
1- الصلاح وتقوى الله في السر والعلن والالتزام بأداء الفروض والطاعات وتطبيق تعاليم الإسلام في أقوالها وأفعالها، ومساعدة زوجها على الاستقامة والتدين وعونه على البر والتقوى.
2- طاعة أوامره وتنفيذ رغباته ما دامت لا تخالف شرع الله، والاهتمام به وحسن الإنصات إليه واحترامه في قرارة نفسها وأمام أهله وأبنائه، والحفاظ على عرضه وماله من الضياع هباءً.
3- الصدق والصراحة حتى يثق بها ويطمئن إلى جانبها دومًا، ويكون واضحا معها وضوح الشمس، فيطلعها على أسراره ويخبرها بكل ما يعتريه من مشاعر إيجابية أو سلبية سواء كانت متعلقة بعمله أو علاقاته الاجتماعية وخلافه، فالكذب والغش لم ولن يكونا أبدًا سبيلان للنجاة بل على العكس لهما آثار وويلات خطيرة في الدنيا والآخرة.
4- شكره وتقديره وعدم إنكار معروفه، والبعد عن تحقير أي أمر يقوم به، حتى وإن كان غير مناسب من وجهة نظرها، فمثلًا إذا اشترى أي شيء لم يعجبها، فلا ينبغي نهره ونقده والسخرية من فعله، وإنما شُكره وتقدير صنيعه، ثم لفت انتباهه في وقت لاحق مناسب إلى الخطأ الذي وقع فيه أثناء شراء هذا الشيء، وإسداء النصيحة إليه بلطف ورقة.
5- الذكاء واتساع الأفق والمدارك ورحابة الصدر، لما لهم من دور عظيم في استقرار الحياة الزوجية ووأد أي خلاف بسهولة قبل تفاقمه.. فلا تكبر الصغائر ولا تغضب لأتفه الأمور، وتتحمل وتحتوي زوجها عند انفعاله.
6- الصبر وقوة التحمل.. فلا تحمله ما لا يطيق من أعباء مادية إضافية ولا تعايره بفقره وضيق حاله، بل تحتسب وتصبر وتساعده بكامل استطاعتها لو كانت ميسورة الحال أو قادرة على العمل لإعانته على مواجهة أعباء المعيشة، وتصبر عليه في حال مرضه وتقف بجواره وتخدمه وترعاه خير رعاية وفاءً وعرفانا وابتغاء رضا الله ورحمته وعفوه في الدارين.
7- التواضع والبساطة، فإذا أخطأت فلا تتكبر وتمتنع عن الاعتذار لزوجها، بل تسرع إليه وتسترضيه حتى لا يبيت غاضبًا منها، وحتى وإن أخطأ في حقها فمن باب كرم الأخلاق والدفع بالتي هي أحسن أن تبدأ بالصلح وإعادة المياه إلى مجاريها حفاظا على هدوء واستقرار حياتهما.
وتتواضع أيضًا لو كانت أعلى منه في أي جانب، ولا تشعره بالضآلة والتقصير، فلا أصعب على أي رجل من أن تتكبر عليه زوجته وتحقر من شأنه وتشعره بالدونية والنقص.
8- أن تحرص دومًا على نظافة بدنها وثيابها وبيتها وأبنائها، حتى تسر عينه وتسعد نفسه وترغبه في البقاء في البيت بجوارها ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.
9- أن تكون مثيرة جميلة جذابة أنيقة في مظهرها وملابسها، وبعيدة عن الرتابة والملل، وحريصة على كسر الروتين بالتفنن في تجميل نفسها وارتداء أفضل الثياب لتظهر أمامه دومًا في أبهى صورة لتسعده وتزيده حبًا وتعلقا بها، وتثير رغبته فيها.
10- أن تكون مبتسمة بشوشة مرحة، لا يعرف التجهم والعبوس والتشاؤم طريقها، حتى تخفف عنه همومه وضغوطه في العمل وتسره عند رؤيتها.
11- أن تجيد اختيار الوقت المناسب والطريقة المناسبة عند الحديث مع زوجها، لاسيما لو كان لها مطلب، أو تود إخباره بأمر أو مشكلة واجهتها أو واجهت أحد الأبناء.
12- ألا تخرج من بيتها بدون إذنه، وإذا أذن لها بالخروج، لا تخرج متبرجة متعطرة، وتغض بصرها وتتقي الله في كل تصرفاتها خارج البيت فإن كان لا يراها، فالله -عز وجل- يراها ويطلع على نواياها وأقوالها وأفعالها.
13- ألا ترفع صوتها فوق صوت زوجها إذا جادلته أو كانت غاضبة منه، بل عليها أن تلتزم بأدب الحوار والخلاف عند حديثها معه.
14- أن تحثه على بر والديه وصلة ذوي رَحِمه وأصدقائه، ولا تكون خانقة ومكبلة له إذا خرج من البيت بكثرة مهاتفته واستعجاله للعودة إلى البيت، أو سؤاله أين أنت، ومع مَن الآن، وماذا قلت وما إلى ذلك من الأسئلة المستفزة الخانقة، حتى لا تضطره إلى الكذب وإخفاء الحقائق هربا وخلاصا من ملاحقتها إياه.
15- أن تربي أبناءها على حب الله ورسوله والالتزام بتعاليم الإسلام، وتغرس بداخلهم الحميد من الأخلاق والقيم، وتنشئهم على احترام وتوقير وطاعة أبيهم.
16- ألا تكون متكبرة مغرورة بجمالها أو مالها أو علمها أو نسبها، وإنما تكون بسيطة حسنة الأخلاق والطباع، رضا الله ورضا زوجها هدفها وغايتها.
17- ألا تصوم صوم التطوع إلا بإذنه، وأن تسمح له بجماعها بالطريقة التي تناسبه ما دامت بعيدة عن الدُبُر، وألا تحرمه من حقوقه الشرعية من باب العقاب إذا أخطأ في حقها حتى لا تلعنها الملائكة ويبيت غاضبًا عليها.
دمتم بكل الخير