بهو الأسودأسطورة إبداع المهندسين المسلمين في غرناطة
بعثة سبق – غرناطة: أثناء تجوالك في قصر الحمراء بالتأكيد ستتوقف كثيراً عند بهو الأسود، وستتبادر لخاطرك الحكايات والأساطير حولها. بهو الأسود الذي بناه الخليفة الغني بالله محمد الخامس، المتوفى عام 793م (1391م)، هو بطول 28.5 متر، وعرض 15.7 متر، ويحيط به 124 عموداً رشيقاً من المرمر. وفي وسط البهو 12 أسداً، اصطفت بشكل دائري، وهي تحمل حوضاً من المرمر، وفي وسط الحوض نافورة، وعلى جانب الحوض نُقشت قصيدة للوزير الشاعر ابن زمرك المتوفى عام 733هـ. عبثاً حاولنا إقناع مرشدنا السياحي بحقيقة ما نُقل عن أن تماثيل الأسود كان الماء يخرج منها بنظام متناسق ومختلف بين كل أسد وآخر بحسب ساعات الليل والنهار، وأنها تعطلت بعدما حاول الإسبان معرفة كيف يتم ذلك، إلا أنه أكد أن ذلك مجرد أسطورة غير حقيقية، بالرغم من أن العديد من المؤرخين القدماء والمحدثين أكدوا صحتها. بهو الأسود وإن لم تصح الأسطورة إلا أنه شاهد عظيم على براعة المهندسين المسلمين في بناء النوافير، وزخرفة الحدائق والنقوش البديعة كافة، بل تؤكد كتب التاريخ، ومنها الحديث، أنهم نجحوا في بناء نوافير يتم التحكم في تدفق المياه منها بطرق متنوعة، وأوقات مختلفة. وقد خضع هذا البهو لمدة تقارب أربع سنوات لأكبر عملية صيانة وترميم؛ إذ قام الخبراء بإزالة كل ما علق بها من المواد الغريبة بفعل التآكل والرطوبة ومرور الزمن. ويُقال إن المرممين اكتشفوا أنّ كل أسد من هذه الأسود يختلف عن الآخر. وظهرت الفوارق في فكاكها، وأذنابها، بل حتى في تعابير وجوهها. وقد بلغت تكاليف الترميم ما يتجاوز مليوني يورو، بمشاركة أكثر من مائة خبير ومتخصّص. كما ضمت عمليات الترميم إصلاح وتحديث النظام الهيدروليكي أو المائي، وتصفيته، واستغلال نفس المياه القادمة من النبع القديم الذي صمّمه واستعمله الخبراء المسلمون في القرن الرابع. وفي مؤتمر حضره أبرز خبراء العالم لدراسة أعمال الصيانة لمجموعة الأسود، يقول أحد المهندسين الإسبان: اعتمدنا على الأبيات الشعرية المنقوشة على الحوض لترميمها؛ إذ تتحدث عن توازن بين المياه وتلك التي تخرج من أفواه الأسود؛ إذ توجد قصائد حول ذلك. والمدقق في الأسود يلحظ أن كل أربعة أسود تشكل مجموعة تختلف عن البقية في جوانب معينة في التصميم والشكل. وتؤكد باحة الأسود تفوُّق مهندسي القصر في تخطيط مسارات المياه القادمة من الجبال المحيطة، وتمر في نسق غريب ومدهش؛ لتغذي مرافق القصر وحدائقه ونوافيره كافة، بما يشبه المعجزة.