هند بنت عتبة العبمشية القرشية الكنانية، أبوها عتبة بن ربيعة سيد من سادات قريش وبني كنانة، عرف بحكمته وسداد رأيه. وهي إحدى نساء العرب اللاتي كان لهم شهرة عالية قبل الإسلام وبعده. زوجة أبي سفيان بن حرب، وأم الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان. وكانت امرأةً لها نَفسٌ وأنفة، ورأي وعقل. شهدت أحداً كافرة مع المشركين، ومثلت بحمزة بن عبد المطلب عم رسول الله محمد. وكانت من النسوة الأربع اللواتي أهدر الرسول دماءهن يوم فتح مكة، ولكنه عفا وصفح عنها حينما جاءته مسلمة تائبة حيث أسلمت يوم فتح مكة بعد إسلام زوجها أبي سفيان بليلة.
أسلمت هند يوم فتح مكة وحَسُن إسلامها، وفي يوم فتح مكة قالت هند لأبي سفيان: "إني أريد أن أُبايع محمدًا". قال: "قد رأيتك تُكَذِّبِين هذا الحديث أمس!" فقالت: "والله ما رأيت الله عُبِد حَقَّ عبادته في هذا المسجد قبل الليلة. والله إن باتوا إلا مصلين". قال: "فإنك قد فعلت ما فعلت. فاذهبي برجل من قومك معك". فذهبت إلى عثمان بن عفان، وقيل: إلى أخيها أبو حذيفة بن عتبة، فذهب معها فاستأذن لها فدخلت وهي مُنْتَقبة، والرسول يقول: « تُبَايِعِيْنِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكِي بِالله شَيْئًا»، فلما قال: « وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ»، قالت هند: "وهل تزني الحرة وتسرق؟" فلما قال: « وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ»، قالت: "ربيناهم صغارًا وَقَتَلتَهم كبارًا"
وشكت إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم زوجها أبا سفيان وقالت: "إنه شحيح لا يعطيها من الطعام ما يكفيها وولدها"، فقال لها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: « خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيْكَ وَوَلَدَكِ»، وقال أبو سفيان: " فما أصبت من مالي فهو حلال لك".
وفي رواية أخرى أنه لمّا كان يوم فتح مكة أسلمت هند بنت عتبة ونساء معها، وأتين رسول الله وهو بالأبطح فَبَايَعْنَه، فتكلّمت هند فقالت:" يا رسول الله، الحمد لله الذي أظهر الدين الذي اختاره لنفسه لتنفعني رحمك، يا محمّد إني امرأة مؤمنة بالله مصدّقة برسوله". ثمّ كشفت عن نقابها وقالت: "أنا هند بنت عتبة". فقال رسول الله: « مرحبا بك». فقالت: "والله ما كان على الأرض أهل خباء أحبّ إليّ من أن يذلّوا من خبائك، ولقد أصبحت وما على الأرض أهل خباء أحبّ إليّ من أن يَعزّوا من خبائك". فقال رسول الله: « وزيادة». وقرأ عليهنّ القرآن وبايعهنّ فقالت هند من بينهنّ: "يا رسول الله نماسحك؟" فقال: "إنّي لا أصافح النساء، إنّ قولي لمائة امرأة مثل قولي لامرأة واحدة". ولما أسلمت هند جعلت تَضْرِبُ صنمًا في بيتها بالقدوم حتى فلّذته فلذة فلذة وهي تقول: "كنّا منك في غرور".[9]
جهادها
]رُوي أن الخليفة عمر بن الخطاب نهى أبا سفيان بن حرب عن رش باب منزله لئلا يمر الحاج فيزلقون فيه فلم ينته ومر عمر فزلق ببابه فعلاه بالدرة وقال:" ألم آمرك أن لا تفعل هذا" فوضع أبو سفيان سبابته على فيه فقال عمر: " الحمد لله الذي أراني أبا سفيان ببطحاء مكة أضربه فلا ينتصر وآمره فيأتمر"، فسمعته هند بنت عتبة فقالت: " أحمده يا عمر فانك ان تحمده فقد أوتيت عظيماً".[11]
لما ولى عمر بْن الخطاب يزيد بن أبي سفيان ما ولاه من الشام خرج إليه معاوية، فقال أبو سفيان بن حرب لزوجته هند : "كيف ترين صار ابنك تابعا لابني"، فقالت : " إن اضطرب حبل العرب، فستعلم أين يقع ابنك مما يكون فيه ابني"، فمات يزيد بالشام، فولى عمر معاوية موضعه، فقالت هند لمعاوية : "والله يا بني إنه لقل ما ولدت حرة مثلك، وقد استنهضك هذا الرجل، فاعمل بموافقته أحببت ذلك أم كرهت"، وقال له أبو سفيان : "يا بني إن هؤلاء الرهط من المهاجرين سبقونا، وتأخرنا، فرفعهم سبقهم، وقصر بنا تأخرنا، فصاروا قادة، وصرنا أتباعا، وقد ولوك جسيما من أمورهم، فلا تخالفهم، فإنك تجري إلى أمد فنافس فيه، فإن بلغته أورثته عقبك