أبي هو أول رجل أصادفه في حياتي كأنثى لأنني اكتشفت فيه شخصيتين : شخصية قاسية و خشنة في تعامله معنا
و شخصية أخرى نقيض ذلك تماما فيها أسمى معاني العطف و الحنان و الاحتواء و الخوف علينا من هبوب نسمات
الصيف في عز الشتاء .
علمنا احترام الغير و التواصل مع الناس بطريقة لبقة ' علمنا ألا نقف عند كل عثرة تصادفنا في حياتنا بل نواصل السير
قدما نحو تحقيق أهدافنا الا اذا كانت الضروف أقوى من ذلك ' علمنا أن نعتمد على أنفسنا و لا نعتمد على الغير في قضاء حاجياتنا
علمنا أن الفتاة يجب أن تحترم نفسها لكي يحترمها الأخرون و لا ترخس نفسها مهما كانت الضروف
علمنا أن نحب الناس و لا نأذيهم بالكلام الجارح و لا بالألفاظ المنبوذة ' علمنا أن الحياة كد و جد للوصول الى ما نصبوا اليه
و لا نقعد جالسين مكتوفي الأيدي ننتظر الفرص ' علمنا و علمنا و علمنا...و لا يزال يعلمنا الى يومنا هذا لأنه
جرب الحياة بحلوها و مرها و له خبرة في ذلك .
كان معنا نعم الأب و نعم الصديق و نعم الأخ ' كان يضربناعندما كنا صغارا لمصلحتنا فمازلت أشعر بوقع ضرباته على
جسدي الصغير لكن ضربه لم يكن فيه عنفا أبدا بل كان ضربا عاديا كأي ضرب يصدر من قلب أب حريص كل الحرص
على مصلحتنا لكي يعلمنا الخطأ من الصواب و في نفس الوقت كان يتألم لألمنا و يغضب لغضبنا و كان يوفر جميع طلباتنا المنطقية
و لم فهم عندما كنت صغيرة هذه التصرفات التي كانت تصدر منه الا حينما كبرت و وجدت كل ما كان يقوله و يعلمه لنا على
أرض الواقع فأنا الان متخلقة بخلقه و أسير على دربه و بخطى ثابتة لا تتغير فكم أنت عظيم يا أبتي
أتمنى أن أرد و لو القليل مما وهبتني اياه و مازلت تهبني اياه.
*أحبك يا أعظم و أول رجل في حياتي*