في لَيلةٍ خرِيفية باهتة إلا مِنْ الحنين
أُلملمْ بقايا الذِّكريات المُتهالِكة شوقاً
أُحيكُ ثوبَ أحلامي المنسُوج مِن عِطرِ وماء
لِأنثره في الكَونِ انتظر هُطول المَطر بِبشَارةِ السَّماء
أسرِقُ منْ ثغرِ الزَّمنِ ابتِسامة بيضَاء
أُداوي بها جُرحا يَنخر في عِظامِ الرَّوحِ دهرا
كل ما مرَ يوم تزدادُ فَجوة الغِياب
و يتَساقط الفَرح قهراً منْ أورَاقِ الحياة لا يُبقي
إلا أغصَان عارية و مِن وجعٍ وفُتات أُمنياتٍ مؤجلة
ومنْ عُنقِ السَّماء يتَساقط همس أُمي يُدثر قلب أنهكهُ الغياب قَسراً
ومن جَبينها ألعقُ شَهد الحرف التي كانتْ تُزملني به
وتراتيل أيات التَحفُها بإطمئنان
أُماه يا كُل الأوطان
ها أنا أغرقُ بين أحضانكِ في حُلمٍ تعرى إلا منْ دفءِ صَوتكِ
و أنامل دافئة تُداعبُ وجنة شَاحبة أضنَاها البُعد والفُقدان
أمي
سَنواتي وأيامي وجميع أوقاتي
مسَاءاتي صبَاحاتي أتراحي و أعيَادي
تتَسول كل يومٍ على أرصِفةِ
الغُربة
تُلَملمُ أملا مَفقُود تَكسر بابا مَوصود
أتوكا على عصا الصّبر أهشُ بها وجعي وأنيني
أبحثُ عن نورٍ يُرشدني اليكِ / يجمعني بكِ
حياتي أصبحتْ جوفاء إلا منْ حنين يُهاجمني وبقايا نَبض عالقة
على جِدرَانِ القَلب تلوك الآه وجَعا تنتظر ضخ الفَرح
إلى بقايا أوردةٍ شَاختْ منذ سنين
خالية إلا منْ قُصاصاتِ ذِكرى مُتوسدة
أماني مبتُورة أقتاتُ عليها لحين
قول الرب كوني ” فتكوني “
آه أمي
كمْ يغزُوني الوَجع وتجلدُني سِياط الوِحدة بِسياطٍ مِن نار
تلفظني إلى قِيعانِ الألم والرُّكونِ إلى المجهولِ
يجهضُني الفَرح مُحطما قُضبان الأمل بِشجوني
كمْ أحتاجُكِ يانبض قلبي
أحتاجُ أن أدثرَ روحي بِتراتيلِ همسكِ السّماوية
عندها سَيعود النَّبض إلى حَياتي و سيتفتح الرَّبيع في وجنتي
سَتُشرق الشَّمس بِنورٍ مُختلف
سَيهطُل المطَر على عَتباتِ رُوحي المُتيبسة ويرويها
سينبت الزهر وسنجتث أشواك الألم
و سَأنعم بكِ
سَتبدأ تفاصيل حياتي بين أكنافِ أضلاعكِ
وسأعتلي مِحراب صَدرك
وسأهنىء بهدهدَاتكِ
و سأُؤمن على دُعائكِ
أماه ضُمِيني وإنزعي قِلاع الألم
التي أستَوطنتْ رًوحي في غِيابكِ
أمي : أشتقتُ إليكِ شَوقا
فاقَ حد وَصفي
حتى أتعَبتُ الشَّوق مني فباتَ يرتقبُكِ كي يُفكَ قيده
أماه أعيدِيني و انتَشليني
مِن زمهَريرِ البُعد الجاثم على أنَفاسي المُثقَلة
و صَقيع الاِنتظار المُوحش
و إلى ذلكَ الحين دفئيني بتِلاوتٍ وصَلوات
تُطفىء لهَيب الشَّوق فِيما تَبقى مِنْ عُمري
قبل أن تُمحق الرُوح بِزفرة شّوق