كلنا يعتبر نفسه هو ( النموذج ) في أمور الدنيا والدين ..
إننا نعتبر أنفسنا "النموذج" الذي يُقاس عليه سائر الناس،
فمن زاد علينا فهو من أهل (الإفراط )
ومن نقص عنا فهو من أهل (التفريط) ..
إذا وجدتَ من ينفق إنفاقك فهو معتدل كريم ،
فإذا زاد فهو مسرف
وإذا نقص فهو بخيل ..
ومَن يملك جرأتك في مواقف الخطر فهو عاقل شجاع ،
فإذا زاد فهو متهور
وإذا نقص فهو جبان ..
ولا نكتفي بهذا المنهج في حكمنا على أمور الدنيا بل نوسعه حتى يشمل أمور الدين ،
فمَن عبد عبادتنا فهو من أهل التقوى والإيمان ،
ومن كان دونها فهو مقصر ،
ومن زاد عليها فهو من المتنطّعين ..
وبما أننا جميعاً نرتفع وننخفض ونتقدم ونتأخر ونتغير بين وقت ووقت وبين عمر وعمر ، فإن هذا المقياس يتغير باستمرار.
نصل من تلك الملاحظات إلى قاعدة مهمة من قواعد الحسبة :
إياك أن تظن أن مقياس الصواب في الدنيا ومقياس الصلاح في الدين هو الحالة التي أنت عليها والتي أنت راض عنها ، فرُبّ وقت مضى رضيتَ فيه من نفسك ما لا ترضاه اليوم من غيرك من الناس ..
فدع الخلق للخالق
وأعمل على إصلاح ذاتك ..
وتمثل بقول الله تعالى :
(وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) ..