الموضوع: خطيئة الحنين
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 5 - 9 - 2015, 07:02 AM
ياقلبي اكتفيت غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
خمر احمر ان شربته شدتك اليها ...دون رحمه
 عضويتي » 4331
 جيت فيذا » 13 - 9 - 2014
 آخر حضور » 20 - 9 - 2016 (05:00 AM)
 فترةالاقامة » 3753يوم
 المستوى » $83 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
  النشاط اليومي » 5.97
مواضيعي » 2001
الردود » 20388
عددمشاركاتي » 22,389
نقاطي التقييم » 2984
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 الاقامه »
 حاليآ في » في قلب المريخ
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
 التقييم » ياقلبي اكتفيت has a reputation beyond reputeياقلبي اكتفيت has a reputation beyond reputeياقلبي اكتفيت has a reputation beyond reputeياقلبي اكتفيت has a reputation beyond reputeياقلبي اكتفيت has a reputation beyond reputeياقلبي اكتفيت has a reputation beyond reputeياقلبي اكتفيت has a reputation beyond reputeياقلبي اكتفيت has a reputation beyond reputeياقلبي اكتفيت has a reputation beyond reputeياقلبي اكتفيت has a reputation beyond reputeياقلبي اكتفيت has a reputation beyond repute
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله baunty
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سبارتي المفضله  » سبارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور ياقلبي اكتفيت عرض مجموعات ياقلبي اكتفيت عرض أوسمة ياقلبي اكتفيت

عرض الملف الشخصي لـ ياقلبي اكتفيت إرسال رسالة زائر لـ ياقلبي اكتفيت جميع مواضيع ياقلبي اكتفيت

افتراضي خطيئة الحنين

Facebook Twitter
ملاحظة هامة لقراء الموضوع ♥ غير مسجل ♥
قبل قراءتك للموضوع نود إبلاغك بأنه قد يحتوي الموضوع على عبارات او صور لا تناسب البعض
فإن كنت من الأعضاء التي لا تعجبهم هذه المواضيع .. وتستاء من قرائتها .. فنقدم لك
باسم إدارة الشبكة وكاتب الموضوع .. الأسف الشديد .. ونتمنى منك عدم قراءة الموضوع
وفي حال قرائتك للموضوع .. نتمنى منك ان رغبت بكتابة رد
أن تبتعد بردودك عن السخرية والشتائم .. فهذا قد يعرضك للطرد أو لحذف مشاركتك
إدارة شبكة ( همس الشوق )

 



- سيجارة ؟
- لا , أقلعت عن التدخين .
- جميل .
- هل تسمحين لي بسؤال ؟
- لقد سألت وانتهيت , لايهم ماذا تريد ؟
- ماهي الوحدة ؟
- هي أن تبكي , و وحدها كفك تكفكفُ الدمع , لماذا تسأل ؟
- أسأل لأنني وحيد , وماهو البكاء ؟
- هو اللغة المبللة التي نقولها حتى نستطيع الغناء بلا حشرجة , ولماذا تبكي ؟
- لأنني أشعر بالوحشة .. لا أعلم .. ماهي الوحشة ؟
- هي أن تكف كفكَ عن كفكة الدمع , و انت تبكي , ولماذا تشعر بالوحشة ؟
- لأنني مصابٌ بالفقد, ولكن ماهو الفقد ؟
- هو هو البكاء الموحش , و انت وحيد !
- ....... هل لديكِ سيجارة ؟
- كانت هذه الاخيرة . ألم تقلع ؟
- بلا , كنت قد أقسمت لها يوماً بأنني لن أدخن السجائر أبداً
..ومازلت عند وعدي , ولكن ماذا أقول لها إذا كانت السجائر بغيبتها ..
..هي المُشعلة وأنا الدخان المتلاشي ؟
- ألم تُشفى من الحنين ؟
- هاتي يدكِ إلى صدري , إن توقف هذا الزلزال شُفيت !
- ألديك مرآة بمنزلك ؟
- نعم .
- أنظر لها , أنت لم تعد أنت .. لم يبقي رحيلها على مساحة فارغة بوجهك إلا وإتكأ بها !
- أنا أخاف من المرآة , وحدها المستترة بعباءة الصدق .. وهذا زمنُ عري الكذب ..
..أنا أعلم أن كل من يراني يكاد يقسم أنني لم أسدل هذا الجفن المبلل منذ زمن , ولكنهم لايتحدثون
..وحدها المراة لاتخبي انكساراتي , وحدها تخبرني بمقدار الضرر بشوارعِ وجهي
..تهذّب رمشي , تنفضُ الغبار من على عيني , وتفضحني .. أنا أخاف من المرآة .
- أتفتأ تغني رحيلها ؟
- رحيلها كان شؤما بصباح أمي العسير القدوم .. أنا أغنيتها التي سالت من شباك أمي الرقيق ..
.. إن كف الناس عن ترديد الأغاني , أبقى أنا الأغنية الوحيدة المبللة .. الوحيدة الحزينة .
- أنا أخاف عليك , وجهك ذابل , وعيناك تشحذ النوم ..
- لافارق يذكر بالذبول , قد شوه الفقد وجهي ..
- ألا تستطيع .. النساء كُثر ؟
- كيف أتمكن من هذا قولي .. كيف وأنا أراها تعبر وجوه كل النساء وأجسادهم
..حتى وإن نبتت بسمة على ثغر أنثى , أراها تعبر ثغور الصبايا وحلوقهم ..
..أتعلمين .. أستطيع أن أراها في كل زجاجة عطر .. في كل وجه غمامة
..كيف لا أراها , وأنا أشعر بعد رحيلها بأن صدري بيداء تكرهها السحاب ..
..كيف لا أراها , وهي الماء وأنا جسد هذه الأرض المتعطش لريّها , كيف
..وهي هذا الهواء الذي يزدحم بكل الأفق ..
وأنا كل هذا الأفق الفارغ الذي
لايستطيع أن يرى الهواء المزدحم بداخله ؟
- أنت حزين .
- ربما , وربما هذه كلمة معقدة !
- أما زلت تكتب لها القصائد ..
- لم اكتب شيئاً منذ أن عرفت إصبعي إلا قصائدي إليها .. أسمعكِ الأخيرة ؟
- أجل وقبل أن ترفرف بقصيدتك أتبرأ أمامك من كل دمعة ستتمرد فوق وجنتيّ ..
- المحاولة لاتهم إذا كانت تفشل دوماً .. حاولت النوم البارحة ولم أتمكن من إغلاق جفني
..كنت أشعر بها تتوسد مابين الجفن والهدب .. تشرب من عيني هذه القصيدة :
كل الأشياء في منزلي
تبكي إليكِ ..
التنور القديم
شباك الحي القديم
رائحة خبز أمي
وأصوات لعب الأطفال ..
حجرتي
و جدران وحشتي
والباب خلع نفسه
من بكاء جدران حجرتي
وكل موطنٍ أقدم من مسقط إصبعي
معطف البرد ..
وبرد وحدتي
أقدام مقعدي
وصندوق الرسائل
خزانتي وغبارها
باب خزانتي المائل
دكّان الحي
وثقل أحمال الرفوف
شوارع الحي
وأهل الحي يبكون ..
كل الأشياء في منزلي تنتحب
كل الأشياء في منزلي تلتهب
تشعلني مرةً ..
وأشتعل لها مرة
كل الأشياء من بعدكِ مُرّة
كل الأشياء من بعدكِ مُرّة
كل الأشياء .. مُرّة
.. أقول لكِ دائماً لاتبدأين الحديث عنها , انا لن أتوقف .. وأنتِ ستمارسين البكاء
..خذي هذا المنديل , وحده من يستطيع ان يفهم حرارة الدمع .. وجنتيكِ أصبحت مطر ..
- لم اتمكن من كبت فضيحة عيني .. هناك سؤال واحد قبل أن يسرق الوقت من عمرنا هذا اللقاء .. ماذا ستقول لها إن وجدتها ؟
- أحبكِ .. لن يلهث لساني بكلمة سواها .. ولو انها قتلت كل بستان كان بلساني من بعد رحيلها , إلا أنني سأقول لها : أحبكِ
..إنه الصوت ينادي بموعد قطارك .. يجب أن تذهبي وإلا مارس القطار معكِ الرحيل وترككِ بلا عوده .. هيّا سأحمل حقائبكِ ..
- قبل الرحيل , أنت تعلم أنك لن تراني بعدها فقد انتهت فترة عملي هنا وسأعود لقريتي .. خذ هذه الورقة لاتقرأها حتى يتبين لك آخر القطار من بعيد ..
- .. بالمناسبة ما اسم قريتك لم تخبريني عنها يوماً ؟
- لايهم الان .. عدني بأنك لن تقرأ الورقة حتى يرحل بي القطار .
- أعدك .

وضع إدريس الورقة بجيبة , حمل حقائب سلمى .. كان صوت النداء الأخير لقطار سلمى يطوف برأسيهما . خطواتها تشبه الأنين .. سألها مابها فقالت أنها لم تنم جيداً منذ فترة . لم يكن يبعد مدخل القطار عن مقعدهما أكثر من عشر خطوات .. سلمى مشتها وكأنها عشر سنين عجاف . أمطرت بعينيها ساحة إنتظار محطة القطار .. نبتت الحسرة بكل خطوة . صوت عامل القطار وهو يصرخ بالإستعجال ينسكب بصدر سلمى وكأنه النار .. ركض بها إدريس إلى المدخل حمل حقائبها إلى مقعدها . أخذ يتلو عليها الوداع وهي تشعر بأنه شيخٌ يتلو بجنازتها دعواته .. خرج إدريس وصافرة القطار تلوع العتيم بالأفق الممزوج بدخان الإحتراق . لم يأكل بقدمه من ساحة القطار أكثر من خطوتين .. صوتٌ يشبه أغاني الفجل الحزينة يصرخ بإسمه , كانت سلمى تركض بكل سهرٍ أرق منامها .. قطعت كل مسافة بعدٍ بينها وبين إدريس .. حضنته حتى التحم مابصدرها من وجع بحنين صدره .. استنشقت كل ذرة غبار وتعب من فوق كتفه .. مسحت وجنتيها بمعطفه .. عادت للقطار تركض ولم تلتفت لإدريس مرة أخرى .

كان يراقب القطار حتى بدا كأنه ليلٌ يلوح من بعيد .. مد يده إلى جيبة .. أخرج الورقة بلهفة التلاوة لآخر الأغنيات .. قرأ الورقة :
أحبك يا إدريس .. أحبك وأنت لم تعلم يوماً كم كانت أمنيتي بيضاء مهملة ترفرف بفلك انتباهك .. أنا أعلم أنني حين احتضنتك قبل رحيلي لم تشعر بوجعي .. كنت أبتهل كل يومٍ أن يجود القدر بحضنٍ إليك .. لم أكن لأعيش بعد رحيلي لو لم أحتضنك قبله .. أحبك يا إدريس .. منذ أن زرعتك الصدفة بقدري .. منذ أن جاد القدر بباب منزلك لعيني كل صباح .. منذ أن دخلت إلى عيني بأول مرة لم تخرج بعدها .. أتعلم , كنت كل صباحٍ أستيقظ قبل ذهابي للعمل أقف أمام باب منزلك .. أريد أن أكون بقرب أي شيء يؤول إليك .. حين وجدتني ذات صباح أقف أمام بابك قلت لك بأنني أتيت لأوقظك حتى لايتغافلك النوم .. كنت أكذب , الم تلحظ رعشة يدي .. ألم تسمع خلخة صدري .. أحبك يا إدريس .. كنت بكل مرة أعزم فيها أن أقول لك كم انت ممزوج بدواخلي .. تصب أنت الخيبة تحرق بها جسدي من الحسرة .. كنت أعلم أنك تراها تعبر وجهي وأنت تحدثني عن رحيلها .. اشتريت ذات مرة عطراً حتى أثير فلك انتباهك , حين وقفت بجانبك اخبرتني كم تمكن منك الحنين إليها حتى أصبحت تشعر بعطرها .. لم تلحظ أبداً أن العطر يفوح من جسدي .. عدت ذاك المساء وقذفت بالعطر وخذلاني .. أحبك يا إدريس .. كنت اختلس كل لحظة تمر من عمرك معي لأبقي على ملامحك أكثر بذاكرتي .. انفض ذقنك تجدني .. ادخل يدك إلى معطفك تجدني .. أصفر بشفتيك اتطاير انا أشلاء من فقوها .. لم يبقى أي شيء منك إلا وتسدته بعيني الجائعة لك .. أحبك يا إدريس .. حين طلبت منك ذاك الكتاب ليس لأنني أحب القراءة .. كنت كل مساءٍ اعبر بوجهي كل صفحات الكتاب لأشعر بأنك عبرت أنت وجهي .. كنت كل صباحٍ ادس وجهي بين صفحاتة اشحذ رائحة عطرك نفساً يبعد إختناقي إليك .. أحبك يا إدريس وأنت لم تكن تعلم عن بكائي حين تتلو علي قصائدك إليها .. كنت بكل قصيدة تحرق ضلعاً من صدري .. كنت اتعمد البكاء بكل مرة حتى تعطيني منديلك أبحث عنك فيه .. كنت تقول لي بأنها سرقت من صدرك ضلعين , وأنا كل ضلوعي هربت من صدري إليك .. كنت تقول بأنها سرقتك منك ورحلت بك عنك بعيداً .. وأنا لم أتمكن منذ أن نُصبت قامتك بصدري أن أعيدني منك إلي .. أحبك يا إدريس .. أعلم أنك الان تقف وحدك في ساحة القطار .. وأعلم بأنك ستحاول ان تبحث عني .. لاتذهب إلى بائع التذاكر تسأله إلى أين اتجه قطاري .. سأنزل في إحدى محطات المدينة التي يمر بها قطاري .. وأركب منها لقريتي .. أتعلم , لم تنتهي فترة عملي .. هربت من العمل ومن المدينة ومنك ومن حنينك إليها الذي كلما زاد .. زاد معه وجعي . أحبك يا إدريس , ولتعلم أن السنين الخمس التي قضيتها وانا ادور وحدي مهملةً بفلك انتباهك .. قصّت من عمري عمري .. كنت أحدثك دائما عنك , كنت أقول لك كم أحبك وبأنني نفيت كل الرجال ونفيت نفسي و توقها إليك .. كنت أحدثك دائماً ولم أملك الشجاعة يوماً بأن أقول لك كلمة (أحبك) , بدلاً عن (أحبه) .. أحبك يا إدريس .. أعدك بأنني سأبقي كتابك معي حتى آخر نفسٍ من نصيبي على هذه الأرض التي شهدت تمزق جسدي و وجهي عليك .. أعدك بأنني سأظل أنظر لكل الأبواب كل صباح .. أنتظرك تأتي من خلالها .. أحبك يا إدريس وأنت لاتعلم .. أحبك وأنا أعلم أنك خيطٌ من فستاني خرج عن المألوف .. أحبك .

لم يكن ليتبدد الظلام الذي خلفته ورقة سلمى إلا شعاع صراخ حارس المحطة وهو يصرخ بإدريس ليبتعد عن الممر حتى لا يسبب الزحام حين ينزل ركاب القطار القادم .. لم يكن إدريس يعلم ماهذا الشيء الذي يصرخ , ولم يعلم أين هو .. ورقة سلمى كانت كفيلة بخلع الأرض من تحته وإبدالها بتيهٍ عميق .. قذف بقامته الموجعة فوق ذات المقعد الذي كانت تشاركه إياه سلمى .. تساقط وجهه من امامه .. انتثر تحت أقدام المارة .. علق بطين الراحلين عن المدينة .. استطرف كل ذكرى جمعته مع سلمى لوحدها .. حتى رأى سلمى تقول له أحبك بكل مرة وهو لايشعر .. علم أنها خطيئة الحنين التي تبعد عنا كل من يحاول تخليص أرواحنا من هذا الإثم .. علم انه حين يكون الحنين لشخصٍ قد تملك كل مايؤول إلينا من شعور فإننا لانستطيع ان نهب الشعور لأي من كان سوى هذا الشخص الراحل .. علم ان الحنين هو الداء الذي ينصب بالعين يصور صورة الراحلين بكل وجه .. علم أنه الحنين هو الطريق المعتم الموصل إلى مفترق الموت بالشعور بمن حولنا .. حين قرأ لسلمى استيقظ بداخله كل وجهٍ لسلمى قد عبر به ذات صباح .. استذكر كل أغنيات سلمى الصباحية وكيف كانت تشبه التنور الذي يتقد به توقها إلى دواخله .. استرجع بذاكرته أول ذكرى لسلمى حين استوقفته لتسأل عن منزل للسكن .. كيف دلها على المنزل المجاور لمنزله .. توقف عند كل ابتسامة كانت ترسلها سلمى إليه في ذاك اليوم الأول .. علم أن القدر قدم له سلمى .. وعلم أنه حين كان يبحث كل صباحٍ عن وجهها ليرى الدنيا تشرق أنه كان يراها ملاذاً من الحنين .. ولأن الحنين هو الباب الذي يوارى ولا يغلق .. لم يكن إدريس واقفاً فوق رصيف واحد .. كانت جذوره قد مُدت إلى أخفض قيعان الحنين .. ووجه يلتفت مع الباب الموارى ليجد سلمى .. علقت ذاكرته حرقة واحدة .. كانت كل ذكرى لمولده تحتفل بها سلمى .. وكان بنهاية مساء كل ذكرى يقول لها انه يحن لمن رحلت .. علم أنه قتل سلمى خمس مرات .. وكانت سلمى تعود بالصباح بعد كل موتة بذكرى مولده .. سلمى جديدة تتوق إليه .. ماحدث بصدره من خلخلة كان كفيلاً ليسقط جبينه بين يديه .. ليخرجه عن مألوف العالم ومن حوله .. انتثرت كل خلية بجسده صوتاً يشبه سلمى .. غاب عن كل ضوضاء المحطة في سباتٍ لن يوقظه إلا صوتٌ ابتهله إدريس عمراً كاملاً .. كان صوتُ خرير ماء ينادي بإسمه من فوق رأسه ..
- إدريس .. إدريس ؟
- رفع بيديه وجهه الذائب : نعم !
- ألم تعرفني .. أنا نُهى .
- أعاد بيديه وجهه الذائب إلى أسفل : عفواً لا أعرفكِ !
- إدريس أنا نهى التي أحببتها منذ طفولتك .. عدت من اجلك !
- لا أعرفك ِ .. عفواً .
- إدريس أنا نُهى .. رحلت وها أنا أعود إليك .. لم أتمكن من نسيانك .
- قلت لكِ لا أعرفكِ .. عفواً ..
- إدريس أنا نهى أرجوك , انظر كيف جادت بنا الصدفة معاً .. إدريس ..
نفض جسده من فوق المقعد حتى انتصب كالريح .. كانت هذه نهى التي أذنب بالحنين لها عمراً كاملاً .. نهى التي قتل بها سلمى خمس مرات .. وارتكب الإثم في حق سلمى بها .. كانت هذه هي خطيئة الحنين التي أصابته بالفقد الأسود الذي يبعد عن الموبوء كل الوجوه .. ويحضر وجهاً واحداً .. كانت هي ذنب الوحشة التي تطفئ كل من حوله .. وتشعله وحيداً في تغريبة الليل .. اختلطت كل الذكريات بدواخله .. دقائق فقط , فصلت عن مفترقين بحياته .. مفترقٌ قديم أصابه بالعمى , ومفترقٌ كان يفرش له النور سجاجيد إلى عمرٍ جديد .. كان ماقرأه بورقة سملى قد محى كل خلفته نُهى من أوتادٍ نُصبت بقلبه .. فحين تكون موبوءً بالحنين تصاب بالجمود الذي يلقي بك إلى أسفل سافلين الكآبة .. حينها تعتاد على من حولك كملاذ وأنت في جمودٍ تام .. تصبح كثلج كانون الثاني .. لايذيبك إلا اتّقاد شمسٍ تأتيك وأنت لاتظنّها تأتي .. في لحظةِ من عمره الذي وقفت به نُهى .. تساوت كل السنين العجاف بنظره .. محي من وحشتة كل حنين .. وأشرقت سلمى عمراً جديداً كاملاً .. ترك نُهى بجانب ذات المقعد الذي جلست عليه سلمى وهي تنظر له راحلاً كما فعلت به.. كان القطار التالي بعد قطار سلمى قد اتى بنهى التي رحلت من قبل سلمى وعجلت برحيلها .. لم يستطع إدريس أن يجمع بقايا قطع وجهه المتساقطة من تحت نُهى .. كيف للقدر أن يرحل بسلمى وهي تحبني .. ويعود بنهى التي قتلتها سلمى بداخلي من بعد ورقتها .. لم يكن لإدريس أكثر من سلمى في عمره الذي مضى إثما بالحنين .. خلّف وراءه خطيئة حنينه منثورة من تحت نُهى .. ركض بكل ثورة ذنبٍ بجسده نحو كشك التذاكر ..
- أريد حجز تذكرة .
- أهلا سيدي ذهابٌ وعودة ؟
- بل ذهابٌ دون عودة ٍأبداً ..
- إلى أين الوجهة ؟
- إلى سلمى ..
- إلى سلمى ..
- إلى سلمى


الموضوع الأصلي :‎ خطيئة الحنين || الكاتب : || المصدر : شبكة همس الشوق

 




 توقيع : ياقلبي اكتفيت



سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده


رد مع اقتباس

رسالة لكل زوار منتديات شبكة همس الشوق

عزيزي الزائر أتمنى انك استفدت من الموضوع ولكن من اجل  منتديات شبكة همس الشوق  يرجاء ذكر المصدرعند نقلك لموضوع ويمكنك التسجيل معنا والمشاركة معنا والنقاش في كافه المواضيع الجاده اذا رغبت في ذالك فانا لا ادعوك للتسجيل بل ادعوك للإبداع معنا . للتسجيل اضغظ هنا .