منزل الرسول صلى الله عليه وسلم
كثير منا يحلمون بقصر مشيد أو شقة مجهزة بأحدث الأجهزة*
والأدوات ويسعون لذلك ويبذلون الجهد من أجل تحقيق هذا الأمر
ولكن المتأمل لحياة نبينا وحبيبنا محمد صلوات الله وسلامه عليه*
وكيف كان منزله المبارك لخجل من تفكيره هذا لما سيجد فيه من زهد*
وتواضع فهو سيد الزاهدين رغم أنه لو أراد أن تكون له الجبال ذهبًا لكانت
فتعالوا نتجول سويًا في منزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وتحديدًا بيت السيدة عائشة رضي الله عنها لنرى كيف كان
كانت حجرة أمنا عائشة رضي الله عنها تقع في شرقي المسجد النبوي
الشريف وكان بابه من هذه الحجرة واقعًا داخل المسجد النبوي
على جهة الغرب وكأن المسجد النبوي صار فناء لها.
أما مساحة الحجرة فكانت 6 أو 7 أذرع أي حوالي 3 أمتار ونصف
بنيت جدرانها من الطين، وسقفها من جريد النخل، وكان السقف قصير*
يستطيع أن يلمسه كل شخص واقف، ومن الخارج كان مليث
بمسوح الشعر لكي تكون وقاية من المطر.
وباب حجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند السيدة عائشة*
كان جزء واحد من مصنوع من خشب العرعر –أحد أنواع الأشجار
- أو خشب الساج – وهو شجر استوائي ذو أخشاب صلبة-
وكان في جنب الحجرة مشربة أقام فيها النبي صلى الله عليه وسلم
لمدة شهر عندما آلى زوجاته.
وتصف أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها جهاز حجرتها*
وكيف كان ينام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتقول:
"إنما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي ينام*
عليه أدما، حشوه ليف".
ولم يكن في بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند السيدة عائشة
غير فراش واحد في أول الأمر، ثم رزقت فراشًا آخر، وضمت بعد ذلك*
إلى أثاث حجرتها بعض الوسائد، ولم يكن في بيتها مصباح.
ولما دخل عدي بن حاتم الطائي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم*
وهو ملك طيء وسيدهم وحبرهم، وقد علق صليبا من الذهب في صدره
واستضافه النبي عليه الصلاة والسلام وعلى آله في منزله لم يجد النبي*
ما يقدم لضيفه ليجلس عليه إلا وسادة واحده من ليف وضعها النبي*
صلى الله عليه وآله وسلم لضيفه ليجلس عليها، وجلس رسول*
الله –بأبي هو وأمي- على الأرض !!!
أما عن مطبخ بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فتقول أمنا عائشه*
رضي الله عنها: كنا نتراءى الهلال والهلال والهلال ثلاثة أهله في شهرين
ولا يوقد في بيت الرسول نار!! قيل: فما كان طعامكم؟*
قالت: الأسودان "التمر" و "الماء"...!!.
بل في بعض الأحيان لم يكن في أي بيت من بيوت رسول الله صلى الله*
عليه وآله وسلم حتى التمر، فكان يمضي بأبي هو وأمي عليه اليوم
واليومان وهو لا يجد من الدقل "التمر الرديء"ما يملأ به بطنه.
وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها "ما شبع آل محمد من خبز الشعير*
هذا يومين متتاليين حتى مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وكانت تمر الأيام على أبيات رسول الله ولا يجدون ما يأكلونه
لا تمرا ولا شعيرًا إلا ماء".
بل قالت ما هو أشد من ذلك فقالت: "توفي رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم وما في بيتي شيء يأكله ذو كبد، إلا شطر شعير*
في رفّ لي، فأكلت منه حتى طال علي فكلته ففني".
ولم ير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخبز الأبيض النقي قط
وسأل عروة بن الزبير رضي الله عنه خالته السيدة عائشه رضي الله عنها:
هل أكل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خبز النقي؟
فقالت: "ما دخل بيت رسول الله منخل قط، ولا رأى رسول الله منخلا قط"
قال: فكيف كنتم تأكلون الشعير؟ قالت: "كنا نطحنه ثم نذريه
(مع الهواء) ثم نثريه ونعجنه".
هكذا كان بيت الحبيب صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله
وهكذا كانت حياته وهو خير خلق الله أجمعين، ولو أراد الملك والجاه لأتاه
ولو أراد جبال مكة والمجينة ذهبًا لكانت
ولكنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يلتفت إلى زينة الدنيا*
بل أسس بيوته بالتوحيد والطاعة والكاملة لله سبحانه وتعالى.