كنت هناك، حين تخلت عنه الكلمات، حين بكى، لأنه مليء بالقوة. قوة تدفعك إلى حد الجنون. كنت هناك حين رسم الليل وحدته. وحين ضاعت منه كل أحلامه. في لحظة توقف عنده الزمن. لم يعد يريد أن يرى سوى احتمالا ضعيفا في استعادة جزء من ماضيه المليء بأحلام، لا تمت للواقع بصلة. لأنه وحيد دون ماض يؤويه. لأنه لم يعش يوما إلا بعالم خيالي لا يورث صاحبه سوى الجنون. سوى الغربة المتزايدة، مع كل لحظة تحاول فيها العودة إلى الواقع الذي انسحبت منه شيئا فشيئا، إلى أن أصبحت بعيدا عنهم، وعنك. لان الكمال فكرة تملكك إلى حد الهوس. لأنك تريد أن يكون كل شيء كما يجب إن يكون. ولأنك ترفض أن تعترف لنفسك أن لا شيء يملك ما تصبو إليه نفسك ذات الطابع الغريب. لأنك اخترت البساطة بعد أن رأيت أكثر الأشياء تعقيدا. لأن الأفكار الغريبة تزورك عند كل نفس من أنفاسك. لان انتظارك الطويل لم يثمر شيئا سوى بدايات انتظار جديد. لأنك تأبى أن تعترف بهزيمة الأمل لك. وعجز الدموع في إشعارك بالحزن. لأنك أقوى مما تريد. تفاجئك تصرفات لم تتوقعها من ذاتك. وتصدمك شدة غربتك عن نفسك.
قد تكون الأيام قد تراكمت حول انتظارنا، لدرجة تمنعنا أن نعرف إلى أي حد قد وصل تداخل الأشياء في حياتنا. هناك أيام تكون مثقلة بالأحداث.مليئة بالتوتر. بالاستسلام. تفصلنا عن واقع يخيفنا وجهه الشاحب المخيف. يسيطر على عقولنا ضغط رهيب. يورثنا العجز عن اتخاذ القرارات. |
|