نعلم أن الذي يعين على الصبر أن تعرف حقيقة الحياة الدنيا ،
لماذا خلقك الله فيها ؟ وما طبيعتها ؟ وما جوهرها؟
وقد لخَّصها النبيُّ عليه الصلاة و السلام بأنها :
((دار التواء لا دار استواء ، ومنزل ترح لا منزل فرح ، فمــن عرفها لم يفرح لرخاء ،
و لم يحزن لشقاء ، قد جعلها الله دار بلوى ، و جعل الآخـرة دار عقبى ،
فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا ،
و جعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضـا ، فيأخذ ليعطي ، و يبتلي ليجزي ...)) ،
ومن الأشياء التي تعين على الصبر أن تعرف طبيعة الإنسان ، من هو الإنسان ،
إنما هو عبد لله عزوجل ، و قد لخَّص النبي عليه الصلاة والسلام عبوديته لله ،
و أنه ملكٌ لله ، وأن الله مالك الملك ، فعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :
((أَرْسَلَتْ ابْنَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ فَأْتِنَا
فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلَامَ وَيَقُولُ إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلٌّ عِنْدَهُ
بِأَجَلٍ مُسَمًّى فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا
فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمَعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ
فَرُفِعَ إِلــَى رَســُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ قَالَ حَسِبْتُهُ
أَنَّهُ قَالَ كَأَنَّهَا شَنٌّ فَفَاضَتْ عَيْنـَاهُ فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا فَقَالَ
هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ)) .
[رواه البخاري]