تشكّل المدراس عنصراً هامّاً في بناء شخصيّة الفرد في المجتمعات المتحضّرة، فالمدارس وحين تضطلع بدورها الذي أنشأت من أجله فإنّها تحقّق الغاية التي جاءت من أجلها، وقد عرف النّاس المدراس قديماً وإلى عهدٍ غير بعيد كانت تسمى بالكتاتيب، حيث كان يدرّس فيها القراءة والكتابة وحفظ القرآن، ثمّ توسعت المدراس وتنوّعت العلوم التي تدرّس فيها فدخلت مواد العلوم والرّياضيّات وغيرها، وأصبح للمدراس مبانٍ منظّمة وصفوفٍ مرتّبة، وإنّ أهميّة المدراس تأتي من الأدوار التي تؤدّيها، فما هي تلك الأدوار ؟ . :
يأتي دور المَدرسة حتماً بعد دور الأسرة، فحينما تؤدّي الأسرة دورها في تربية النّشأ يأتي دور المدرسة، وبتكامل دور الأسرة والمدرسة تكتمل الأدوار في تربية النّشأ وتعليمه، وإنّ شعار وزارات التربية والتعليم في كثيرٍ من البلدان يلخّص دور المدرسة، فالمعلم هو مربّي كما أنّه في نفس الوقت يعلّم طلابه العلوم المختلفة التي تفيدهم في حياتهم ومستقبلهم المهني، إلى جانب أنّ المعلم له دورٌ أساسي في زرع القيم النّبيلة والأخلاق الحميدة في نفوس طلابه، وإنّ كثيراً من المعلمين يظنّون أنّ واجبهم مقتصرٌ على تعليم الطلاب العلوم المختلفة، وهذا بلا شك خطأٌ واضح، فرسالة المعلم هي أكبر من ذلك، وكما عبّر الشّاعر عن تلك الرّسالة حين قال:
قف للمعلم وفّه التّبجيلاً
كاد المعلم أن يكون رسولاً :
كما أنّ أهميّة المَدرسة تكمن في تهيئة بيئة تواصل واجتماع بين الطّلاب، بحيث تنمّي مهاراتهم الإجتماعيّة والسّلوكيّة، وخاصّةً حين توفّر المَدرسة لطلابها فرصةً للرّاحة والتّجمع مع بعضهم، كما أنّ المَدرسة تعلّم الطّلاب الحوار حين يتحاور المعلم مع طلابه، وتزرع فيهم ثقافة الاستماع والإنصات حين ينصت الطّالب إلى معلمه في أثناء الدّرس حرصاً على تلقّي المعلومة، كما تساهم المدرَسة في تعليم الطّلاب مهارات تنظيم الوقت وترتيبه وفق جدولٍ زمني، فترى الطّالب يحضّر نفسه لعمل الواجب المطلوب منه ويحرص على إنهائه بالشّكل الذي يمكنه من الحصول على درجةٍ جيّدة في الشّهادة الذي سيحصل عليها في نهاية السّنة، كما أنّ الإعداد للإمتحانات تعلّم الطّلاب الاستعداد لمواجهة امتحانات الحياة اجتيازها حين يكون الإنسان مستعداً استعداداً جيداً، كما تعلّمه بأنّ الإخفاق في امتحانٍ معيّن ليس نهاية المطاف بل قد يعوّض الإنسان اخفاقه بالنّجاح في امتحانات أخرى . :
وأخيراً على الدّولة أن ترعى المدراس رعايةً خاصةً بالاهتمام بها من حيث تهيئة المكان المناسب الملائم، وتوفير المدرّسين الأكفاء أصحاب الرّسالة الذين يعتمد عليهم . |
|
|
|