الـدعـون ( صنـاعة مـن الـمـاضـي ) مع كل الصروح المعمارية في دولة الإمارات ، تبقى أفئدة الكثير من الناس تحن إلى ماضيها ، فيمزجون الماضي برفاهية الحاضر ، إشباعاً لحنينهم وترضية لذوقهم . وبذلك ظل العديد من الصناعات الحرفية مصدر إبهار للعيون بجاذبيتها وحرفية صنعها . إضافة لكونها تواصلاً ممتداً ينقل قيمتها الحضارية والفنية والتراثية لأجيال قادمة ، كما تغذي هذه الصناعات ذوق مستهلكها وتعطيه تميز وبساطة الماضي ، وإحدى هذه الصناعات صناعة ( الدعون ) ، المستخدمة في بناء جدران وأسقف وأسوار المنازل القديمة بل وأسرته أيضاً. تدخل في صناعة ( الدعون ) أدوات بسيطة مثل الجريد والحبال المصنوعة من ليف النخل ، فتبلل الحبال والجريد لقرابة يوم واحد ، يقوم بعدها ثلاثة رجال أو أكثر على حسب طول السعف بصف الجريد ورصه جيداً بالحبال ، وتدعى هذه العملية بـ ( الزفن ) فيقال : ( دعون مزفونة ) . واستخدم الدعن في السابق كسقف للعريش ، ومنامة أي سرير مرتفع عن الأرض يصنع من الدعن ، ومسطاح لفرش وتجفيف التمر عليه . أما في أيامنا الحالية فما زال مستخدماً في العزب لبناء حضائر للمواشي . ومن جهة أخرى ما زالت تصنع خيام البحر - التي من أساسياتها الدعون - بجانب الفلل والبيوت كمجالس يجتمع فيها الشباب وكتغيير عن النمط السائد في المنازل الحديثة ، ولكن مع إدخال بعض التحسينات عليها ، كوضع نوافذ زجاجية وتزويدها بمكيفات للتبريد وأبواب الألمنيوم عوضاً عن الأبواب الخشبية ، جامعين بذلك أصالة الماضي ورفاهية الحاضر . وكان لزفانة الدعون دور إيجابي في تعزيز العلاقات الإجتماعية وزيادة أواصر الترابط والتعاون بين الأهالي حيث كان الجميع يشارك في العمل ويساعد في إنجاز دعون غيره أو المشاركة في إعدادها وبيعها ومن ثم تقاسم العائد المادي من ورائها . وما زالت الدعون تشق طريقها وسط البنيان العمراني الهائل ، حاملة العراقة والأصالة التاريخية لسكان المنطقة بل إنها تحولت إلى مادة تعليمية في مدارس الإمارات . |
|
|
|