لا خير في فكر لا يثير في نفس صاحبه النشاط ويتحول إلى سلوك وعمل- وبالأخص الشباب-
أو يؤدي إلى أدوات وإبداعات تعين الإنسان على حل مشكلاته الحياتية، وهذا في ظني ما نفتقده ولا نجده في واقعنا،
والحقيقة أن المجتمعات التي تعمل بما تؤمن به من مثل وقيم تميل إلى اختصار الكلمات؛ لأن الكلمة الواحدة عندها صادقة صدقا كاملا لا تحتاج لإسهاب ولا تكرار.
فالشباب نريده أن يتحرك مع خيوط الفجر إلى الحقول والمصانع والمدارس والجامعات والمعاهد والمشافي، فالساحة الإنسانية بالعلم والصناعة والاختراع والابتكار تتجدد مع إشراقه شمس كل صباح ذلك لأن النهضة لا تبدأ من فراغ ولا تعيش فيه، إنها حوار متصل مع موجودات الكون، وتشكيل يستهدف مزيدا من الوعي بمشكلات العصر، ومسؤولية الشباب كقوة حضارية متفاعلة مع المسيرة الإنسانية، وبقدر مشترك من الإيمان بالله تعالى والإخاء الإنساني وحب العلم ونكران الذات والتسلح بالصبر بمسؤولية عابرة للحدود والعصبيات الضيقة، نحن في حاجة إلى ما يسمى الأمل والعمل بالكلمة الحية القادرة على أن تكون عملا، ويوم يصحب التعدد بيننا وبين الآخر تعاون يستطيع الكل أن يثمر للبشرية خيرا، وبهذا تتكامل الصورة الحضارية لننظر من خلالها إلى مشارف مستقبل واعد.
ويوم نجمع الإرادات المفككة والطاقات المبعثرة نقهر الطريق الطويل المليء بالعقبات والاشواك، آنئذ تكون لشبابنا الوثبة القادرة على النهوض؛ ولأن الإبداع ليس حكرا على لون أو جنس من البشر، والإبداع هو حمل هموم الإنسان وعذاباته منذ وعى وجوده، وطوف في الآفاق وأبحر في أساطير الماضي، كما أن الحكم بالعجز على فرد لأسباب ودواع معينة يمكن فهمه وتبرير دواعيه، ولكن الحكم بالعقم في ميادين الابتكار والإبداع على شباب أمة بكامله أمر يدخل في نفق الأسئلة المظلم وربما يدخل في دوائر الجهل، وهنا لابد من طرح سؤال: وضع كهذا أنى تتسع جسور التواصل بينه وبين الآخر؟ وللعلم أن التواصل الحضاري الإنساني يبدأ من عتبة البيت مرورا بالمدرسة والمعهد والمجتمع، وقد لا ينتهي هناك ليشمل ساكنة الأرض، وبذلك تترتب جلسة ود اللقاء والسلام والصفاء لصنع تاريخ جديد يسهل مهمة الإنسان في الانصهار مع أخيه الإنسان، وبما يبشر برفاه بني وبنات آدم وسيادة السلام العادل لكل أقطار الدنيا، وبالمعالجة الجديدة يفتح شبابنا أمام البشرية مكانا صحيحا ننسج خيوطه بنور العقل والعلم والمعرفة، وانفتاح جاد ذي منحى إضافي للإبداع الجاد، والإنسان صانع تواصل قبل أن يكون صانع أفكار وعواطف لكن إرادة الله تنفذ في مسارها السرمدي، وللإنسان ما رسم وخطط، وبالتجديف الدائم ضد تيار العزلة والجمود تستمر مسيرة التقدم البشري إلى الأمام.
منقول