فيدل أليخاندرو كاسترو روز الذي ولد عام 1926 ، وهو محام كوبى، وثوري وسياسي ، وكان فيدل كاسترو شخصية محورية فى الثورة الكوبية منذ عام 1956 الى عام 1959 ، والتي بدورها ازالت الديكتاتور باتيستا من السلطة وعين بدلا منه النظام الشيوعي الذى كان موالى للاتحاد السوفياتي، وعلى مدى عقود تحدى الولايات المتحدة، التي حاولت اغتياله مرات لا تحصى، بالفعل هو شخصية مثيرة للجدل، وكثير من الكوبيين يعتبرون فيدل كاسترو الوحش الذي دمر كوبا، في حين يرى البعض الآخر انه صاحب البصيرة التي انقذت امتهم من ويلات الرأسمالية .
بدايات فيدل كاسترو :
ولد فيدل كاسترو كواحد من العديد من الاطفال الغير شرعيين لاب من الطبقة الوسطى وهو انجل كاسترو الذي كان يعمل مزارع ، وكانت والدته لينا روز غونزاليس التي كانت تعمل خادمة ، فكانت والدة فيدل كاسترو هي خادمة زوجة ابيه السابقة ، الذي انجب منها اطفال غير شرعيين وكان من ضمنهم فيدل كاسترو ، وكان من احد الطلاب الموهوبين، وقرر داخله ممارسة مهنة المحاماة، والدخول الي كلية الحقوق، وبالفعل استطاع ان يلتحق بجامعة هافانا في عام 1945، واثناء تواجده هناك ، اصبح مختلط بالسياسة بشكل متزايد ، وانضم إلى حزب الارثوذكسية، الذي كان يهدف الى الإصلاح الحكومي الجذري للحد من الفساد .
الثورة تتخمر :
الرئيس باتيستا، الذي تولى الرئاسة في اوائل الاربيعنيات، والذي سرعان ما اصبح ذات سلطة اكبر في الخمسينات ، وقتها فيدل كاسترو كان اكثر اختلاطا بالسياسة، فكان محاميا ، وحاول ان ينظم تحديا قانونيا لعهد باتيستا، بما يدل على ان الدستور الكوبي قد انُتهك بسبب استيلاء باتيستا على السلطة، وعندما رفضت المحاكم الكوبية السماع لالتماسه ، قرر كاسترو انه يجب استخدام وسائل اخري غير القضايا القانونية اذا اراد التغيير الحقيقي .
هجوم مونكادا :
بدأ فيدل كاسترو صاحب الكاريزما في جذب الكثير من الناس إلى قضيته، بما في ذلك شقيقه راؤول ، فعملوا معا في الحصول على اسلحة وبدأوا تنظيم هجمة على ثكنة عسكرية فى مونكادا، وبالفعل هاجموا في 26 يوليو 1953، على امل ان يقبضوا على الجنود وهم لا يزالوا في حالة سكر اثر المهرجان الذي اقاموه قبلها بيوم ، وكانوا لديهم ما يكفي من الاسلحة لشن تمرد واسع النطاق، وبالرغم من ذلك فشل الهجوم ، فقد تم قتل اكثر من 160 او نحو ذلك من المتمردين، سواء في الهجوم الاول او في السجون الحكومية في وقت لاحق ، فيدل وشقيقه راؤول تم القبض عليهم من ضمن المتمردين .
"التاريخ سوف يعفى لى" :
وخلال حبسه ، فيدل كاسترو قاد الدفاع عن نفسه، وذلك فى محاكمة علنية له ، فكتب دفاع حماسي عن افعاله ، واثناء المحاكمة، تلفظ شعاره الشهير: "إن التاريخ سوف يعفي لي." وحُكم عليه بالإعدام، ولكن الغيت عقوبة الإعدام بعدها ، و تم تغيير الحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما في عام 1955، ولكن وضع باتيستا كان يزداد سوءا ، وكان تحت ضغوط سياسية متزايدة ، وذلك لان نظامه ديكتاتورى ، فقام بتحرير عدد من السجناء السياسيين، ومن ضمنهم كان فيدل كاسترو .
ذهاب فيدل كاسترو الي المكسيك :
ذهب كاسترو المُطلق سراحه حديثا إلى المكسيك، حيث اجرى اتصالا مع المنفيين الكوبيين الاخريين ، وظل حريص ايضا على الإطاحة بباتيستا، وقام بتأسيس حركة ال 26 من يوليو وبدأ هو واصدقاؤه في وضع خطط للعودة إلى كوبا ، التقي فيدل كاسترو في المكسيك كلا من جيفارا و كاميلو سيينفويغوس ، الذين كان لهم ادوار مهمة في الثورة الكوبية فيما بعد ، المتمردون تزودوا باسلحة ونسقوا عودتهم مع زملائهم المسلحين في المدن الكوبية .
العودة الى كوبا :
لم تكتمل خطة المتمردين ، فاثناء عودتهم الي كوبا ، تم نصب كمينا لهم ، والعديد من المتمردين لقوا مصرعهم ، ولكن فيدل كاسترو وغيره من القادة نجوا ووصلوا الى الجبال في جنوب كوبا ومكثوا هناك لفترة من الوقت، وقاموا بالهجوم على القوات الحكومية والمنشآت ، واستطاعوا ان يقوموا بتنظيم خلايا المقاومة في المدن في مختلف انحاء كوبا، وحركتهم اكتسبت قوة ببطء ولكن بثبات .
الثورة تنجح :
وفي شهر مايو من عام 1958، اطلق باتيستا حملة واسعة تهدف الى انهاء حركة التمرد نهائيا ،ولكن ذلك اتى بنتائج عكسية عليه ، فسجل فيدل كاسترو وقواته عددا من الانتصارات على قوات باتيستا، مما ادى إلى فرار الكثيرين من الجيش، وبحلول نهاية عام 1958، كان الثوار قادرين على الانتقال إلى الهجوم، وقام كلا من فيدل كاسترو وجيفارا بقيادة الصفوف بالسيطرة على عدد من المدن، في 1 يناير 1959، فر باتيستا هاربا من البلاد ، واستطاعت الثورة الكوبية ان تفوز .
تطبيق النظام الشيوعي :
فيدل كاسترو سرعان ما قام بتطبيق النظام الشيوعي على نفس النمط السوفيتي في كوبا، مما اثار الفزع فى الولايات المتحدة، وادى ذلك إلى عقود من الصراع بين كوبا والولايات المتحدة، بما في ذلك حوادث مثل ازمة الصواريخ الكوبية ، وغزو خليج الخنازير، ووقتها نجا فيدل كاسترو من محاولات اغتيال لا تعد ولا تحصى، ولكنه كان ذكي وخطير جدا،ووضُعت كوبا في ظل الحصار الاقتصادي الذي كان له آثار خطيرة على الاقتصاد الكوبي، وفي فبراير من عام 2008 استقال فيدل كاسترو من الرئاسة، على الرغم من انه كان مازال نشطا في الحزب الشيوعي .
تراث كاسترو :
ومنذ عام 1959 كان لفيدل كاسترو والثورة الكوبية تأثير عميق على السياسة في جميع انحاء العالم ، ثورته اعطت الوحى لعدة محاولات عديدة من الثورات التي اندلعت في دول مثل نيكاراجوا والسلفادور وبوليفيا وغيرها، في جنوب امريكا الجنوبية، فولدت العديد من حركات التمرد ، فهذه الحركات املت فى الحصول على ثورة فى بلادهم على غرار ما حدث فى كوبا، وكوبا قامت بمساعدة العديد من هذه الجماعات المتمردة بالسلاح والتدريب .
وفي حين ان البعض كان معجب ومنبهر بفيدل كاسترو وثورته، فالبعض الآخر كان مذعورا ، ورأى العديد من السياسيين في الولايات المتحدة الثورة الكوبية بانها "موطئ قدم" خطير للشيوعية في الامريكتين .
وعلى مر السنين، حافظ فيدل كاسترو علي قبضته على السياسة الكوبية، ولم يتخل ابدا عن الشيوعية حتى بعد سقوط دولة الاتحاد السوفيتي، التي دعمت كوبا بالمال والطعام لعدة عقود، كوبا هي دولة شيوعية حقيقية حيث يتشارك الناس العمل والعوائد، ولكن قد تحقق هذا على حساب تحقق الحرمان والفساد والقمع ، عدد كبير من مواطني كوبا لا يزالون يحاولون الفرار من البلاد كل عام، فى قوارب تتسرب اليها المياه على امل ان يصلوا الى ولاية فلوريدا .
ففيدل كاسترو قال عبارته الشهيرة: "التاريخ لن يعفي لي." فالتاريخ قد يسامحه وربما قد يلعنه وفي كلتا الحالتين، ما هو مؤكد هو ان التاريخ لن ينسى فيدل كاسترو في اي وقت قريب . |
|
|
|