شعرة بيضاء إثنتان ثلاث
تنتزع بدءًا، ليبدأ التفكير في طرق لإخفائها وقبل أن أخفي رأسي بالرمال وأداري، أتى السؤال محرضاً مزعجاً. ما المزعج في التقدم في العمر ما جدوى المقاومة ما دامت الأيام تفر من بين أيدينا قطعا والوقت ما الذي أملكه منه ما دامت اللحظة تموت ما إن تولد والأسئلة قلق. و اتضاح الرؤية ليس بالضرورة مريح . عن التقدم في العمر، لطالما تساءلت. عن ما يدفعنا بعد سن محدد من التحرج من ذكر أعمارنا. وهي مسألة نسائية غالبا فحتى أمام الوقت الذي يمر لسنا سواسية
رجالاً ونساءًا. ما المخيف في مرور الوقت العمر يمر العمر يمر فعلا فكرة بديهية جدا
الكل يعرفها. لكن من يعيها فعلا؟ يحدث أن نصادف، نرى، أو نتجاذب أطراف الحديث مع من هم في المحطة الأخيرة من العمر. نفعل ذلك كأننا غير معنيين بمرور الوقت. لكن هل يحدث أن يرى أحدكم وراء تجاعيد ذاك الشيخ، الشاب الذي كان هل يحدث وفتشت وراء ملامح تلك العجوز عن صبية حالمة بحياة مليئة بالحب والعطايا قليل جدا من يفعل ذلك. وهو أمر صحي. أن لا تضع نفسك مكان الآخر أمر مريح جدا، وصحي جدا. غير أني ولسبب ما أجهله صرت أبحث وراء ملامح كل شيخ عما كانه ذات يوم، عن أحلامه . ما زلت أرى أننا نتقدم في العمر دون أن نعي ذلك حقا
دون أن نعي ذلك أبدا . و إلا لم تفاجئت أنا من تجاوزت الثلاثين منذ زمن ببضع شعيرات بيض لم وصل الأمر لحد التفكير في انتزاعها والتفكير في إخفائها؟ الأمر أكبر من هم جمالي. في هذا التصرف محاولة لمقاومة الوقت الهارب قطعا بطرق دون كيشوتية ومن يستطيع مقاومة الوقت هو يمر دوما. يمر قطعا. أجمل طريقة لحل المشاكل ابتدعها الإنسان، تجاهلها
وفي عدم الرؤية راحة . لكن هل يدوم العمى وماذا إن أبصرت قبيل الرحيل بقليل لأرى أكثر العمر ولى وصار ماضيا. أصدقكم القول أفضل قلقي وبحثي عن راحة العمى . وماذا بعد أرى الوقت الهارب . أحسه . أصبح له ملمس ورائحة . أراقب مروره . أتقبل مروره. وأعي أن ما يخيفني ليس أن يمر العمر. ما يخيفني هو فقدان المعنى. هو كل ذلك الهدر والعبث في التعامل مع أعمارنا. صرت أعرف كل يوم أنني أمضي . وأبحث كل يوم عن معنى لكل ما يحدث . ما أتمناه أن يأتي يوم أشيخ ولا أخجل من ذكر عدد سنين عمري. لا أخجل، لأن كل سنة مرت عشت فيها، ولأن لكل لحظة مرت معنى . نخفي أعمارنا لسبب وحيد لأننا نظن أنها سرقت منا، أننا غُبِنا في الوقت. نخفيها كي لا نرى. بعد ثلاثين عاما وأكثر، آمل أن لا أكون طفلة بجسد عجوز. آمل أن يكون عدد أيامي بعدد تجاربي
آمل أن أكون اقتربت من المعنى |
|
|