مقدمة
لا شكّ أن الكلية تُعتبر من أهم الأعضاء الموجودة في جسم الإنسان، وهي سر من أسرار خلقة الإنسان العجيبة، والتي هي محط أنظار الكثير من الباحثين من العلماء في مختلف أنحاء العالم. ولا شكّ كذلك في أن هذا العضو مهم جداً لأنّه يؤدي وظائف عديدة جداً لا تقتصر على عملية تكوين وإخراج البول فحسب، بل تتعداها لما هو أبعد. فما هي الكلي من الناحية التشريحية والفسيولوجية؟ وما هي وظائفها؟ وكيف يمكن معرفة تقييم حالة الكلى؟ وما هي وسائل تنظيف
الكلى والمحافظة على صحتها؟
الكلى تشريحياً وفسيولوجياً
يملك الإنسان اثنتين من الكلى، تتواجد كل واحدة في الجدار الظهري أمام عضلات الظهر ولا يُغطيها الغشاء "البريتوني" الذي يُغطّي معظم أعضاء الإنسان الداخلية، وبوضعها هذا، فهي أعضاء حساسة جداً، لكنها تقوم بوظائف عالية جداً. الكلية الواحدة تشبه في شكلها حبة الفاصولياء، ويتراوح وزنها بين 140 إلى 160 غراماً، وهي العضو المسئول عن تكوين البول واستخراج السموم والمواد الغير لازمة من بلازما الدم أثناء عملية الترشيح. تحتوي الكلية الواحدة على ما يزيد عن مليون "نيفرون"، وهذا "النيفرون" يُعتبر الوحدة البنائية والوظيفية للكلى، وهو الجزء الذي يقوم بعملية تكوين البول واستخراج السموم من بلازما الدم. كذلك يتم في هذا "النيفرون" إعادة امتصاص الكثير من المواد المهمة التي يحتاجها الجسم كالأحماض الأمينية والجلوكوز وغيرها من المواد الضرورية. لا تقتصر وظيفة
الكلى على تكون وإخراج البول، وإنما تتعداها بشكل كبير، فمن وظائف
الكلى على سبيل الذكر لا الحصر: صناعة فيتامين د المهم جداً في عملية بناء العظام والأسنان. حيث يتم امتصاص الفيتامين بالوضع غير المكتمل من الأمعاء، لكن يُعد ويُعدّل بشكل كامل في
الكلى ليصبح قادراً على أداء وظيفته. إفراز مادة "الرينين"، وهي المادة المسئولة عن إفراز مواد أخرى في نهاية المطاف تؤدي إلى زيادة إنقباض العضلات اللاإرادية المحيطة بالأوعية الدموية للمحافظة على مستوى ثابت لضغط دم جسم الإنسان.
تحافظ الكلى على مستوى الشوارد ثابتاً وبعيداً عن الاختلالات التي من الممكن أن تؤدي إلى اضطرابات خطيرة، مثل ارتفاع أو انخفاض مستوى البوتاسيوم، الصوديوم، الفوسفات، والكالسيوم، وغيرها. تفرز
الكلى هرموناً مهماً يسمّى "إيريثروبيوتين"، وهو الهرمون المسئول عن تصنيع كرات الدم الحمراء، لذلك نجد الأشخاص الذين يعانون من الفشل الكلوي يعانون من الأنيميا بشكل مزمن، وهم يحتاجون إلى تعويض هذا الهرمون لبناء كريات دم حمراء جديدة وطبيعية.
يمكن تقييم صحة
الكلى بطرق مختلفة تتراوح بين الملاحظة المباشرة، من خلال النظر والفحص الإكلينيكي، إلى الفحوصات الطبية والمخبرية اللازمة. ومن أهم الطرق التي يمكن من خلالها تقييم صحة
الكلى ما يلي: الملاحظة المباشرة لطبيعة البول، من ناحية اللون، والكمية، والرائحة، والألم المصاحب للتبول وغيرها من الأمور الظاهرة، ألم أسفل الظهر قد يدل على مشاكل كلوية، مثل حصى الكلى، والتهاب حوض الكلى، وزيادة نسبة ارتجاع البول إلى حوض الكلى، وغيرها من المشاكل الكلوية. الفحص الإكلينيكي للكلى، وهذا الفحص يجب أن يقوم به الطبيب المختص، حيث يقوم بفحص البطن بشكل عام، ثم يُركّز على الكلية حجماً وشكلاً خارجياً، ومدى ارتباطها بألم الظهر أو البطن إن وُجد. التحاليل المخبرية، ومن أهمها وظائف
الكلى المعروفة، وهي "الكرياتينين" و"اليوريا". وهذه عبارة عن فضلات يتخلص منها الجسم عن طريق الكلى، فأي زيادة في مستوى هاتين المادتين، يعني أن وظائف
الكلى متدهورة، ويجب الحذر والانتباه. عمل صورة ألتراساوند للكلى، وذلك لمعرفة حجم
الكلى الطبيعي، ومعرفة إن كان حجمها ذلك طبيعيا أو غير ذلك، وكذلك لمعرفة إن كان هنالك أي مشاكل متعلقة بالمسالك البولية العلوية القريبة من الكلى.
وسائل تنظيف
الكلى والمحافظة عليها
من المهم جداً المحافظة على هذا العضو المهم، لأنّ صحته تنعكس على صحة الجسم ككل، وهذا الأمر يتطلب الالتزام ببعض الإرشادات التي تُساعد في حماية الكلى، وتنظيفها، والمحافظة على سلامتها، ونذكر منها:
1- عدم تناول الأطعمة التي تحتوي على مواد حافظة بشكل كير، كالبُقوليات المحفوظة في علب مثل الفول، والفاصوليا، والحمص وغيرها.
2- التعوّد على تناول كمية كبيرة من السوائل، ويُفضّل الماء بكمية لا تقل عن 3ليتر يومياً، لأن ذلك يُساعد في تنظيف المسالك البولية من مسببات الالتهابات، وحصى
الكلى وغيرها. كذلك السوائل بشكل عام، والماء بشكل خاص يُساعد على حماية
الكلى من أثر المواد السامة التي ترشح في السائل البلازمي. فيحميها من الإصابة وبالتالي اضطراب وظيفتها.
3- تناول كمية كبيرة من الخضراوات والفواكه، خصوصاً من الخضراوات البقدونس والخيار والبصل وغيرها، ومن الفواكه العنب، والبلح، والتفاح وغيرها. لأن الخضراوات والفواكه تساعد كذلك على تقليل كمية السموم الممتصة مع الأطعمة في الأمعاء، مما يقلل من فرصة وصولها إلى الكلى، وبالتالي حمايتها.
4- عند ملاحظة أي أعراض غير طبيعية متعلقة بالجهاز البولي، كصعوبة التبول، أو نزول حصى صغيرة مع البول، أو تغير لون البول إلى الأحمر أو إلى الأسود، يستدعي التوجه إلى الطبيب المختص فوراً، لأنّ أي تأخير في عملية تقييم وظائف
الكلى يعود بالسلب على الشخص المصاب، ولأنه كلما كانت عملية علاج المسببات أسرع، كلما كان فرصة استعادة سلامة
الكلى أسرع وأضمن.
5- تجنب حشر البول لفترة طويلة، ومحاولة الوصول إلى الحمام في أقرب وقت عند الحاجة، لأن عملية حشر البول تؤدي إلى ارتجاع البول إلى حوض
الكلى مما يؤدي إلى تكون حصى حوض الكلى، وحتى التهاباتها مما يزيد من فرصة اضطراب وظائف الكلى.
6- تجنب العادات الصحية السيئة، كالتدخين، فقد ثبت أن نسبة الأشخاص المدخنين والمصابين بأمراض
الكلى أكثر من أولئك ممن هم من غير المدخنين. كذلك التدخين يُعتبر واحداً من عوامل الخطورة التي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى سرطان الكلية.
7- تجنب تناول كميات من الأدوية، خصوصاً كبار السن الذين يتناولون كميات من الأدوية بسبب الأمراض المزمنة، لأن الأدوية بشكل عام تنحل إما في الكبد أو في الكلى، وفي حالة انحلالها في الكلى، وبشكل كبير، يؤدي ذلك إلى اضطرابات في وظائفها، وعلى المدى البعيد، قد يؤدي ذلك إلى فشلها.