أراك تشتكي وأنت بخير وتظن أن عالمك في محنة وأنت لا تدري جادة المحن وإذا وقفت يوماً في حافة بركان يثور حمماً لأدركت أنك لم تصطلي بالنار فأنت ما زلت في ظل سحاب يداعبك ويواعدك بغيث ثم قد تعقب البروق خيرات وجود ولو علمت جيداً فإن البعض محروم حتى من تلك الوعود فقد تمر على الأمم مراحل قاسية يشكر فيها المقتول قاتله والكلب فيها من شدة الجوع إذا أراد أن ينبح يسند جسده إلى حائط حتى يتمكن من النباح والذي يحفر قبراً يرى أنه أولى بحفرته ثـم قد لا يجد من يدفنه والمحصلة ميت بغير قبر وقبر بغير ميت واللقمة المرفوعة إلى الفم قد تكون يتيمة وقد تكون هي الأخيرة وأنت ماذا رأيت لتشتكي تريد نظاماً يوازي مزاجك وغيرك في محنة عزاب ويتمنى نظاماً حتى ولو كان أفزع من نظامك بلاد بطول وعرض تشتكي الشتات وتشتكي من عدم النظام ساحة غابة بقوانين غابة الهيمنة فيها للأقوى جوع ومرض وقتل وسلب ثم هتك للأعراض يستقبلون اليوم بالقتل وينهون اليوم بالدفـن ولو عشت لحظات في تلك ساحات العزاب لأدركت أنك في نعمة الحال
ولرفعت يدك حمداً للواحد المتعال في حفرة أمل تدخل أيدي تبحث عن حبة قمح تسد بها الرمق ثم تخرج خائبة ثم تأتي أيدي أخرى لنفس الحفرة وتبحث بالمثل فلا تمـل الأيدي في مشوارها ولا تمل الحفرة من تكرار الخيبة وفي الأعماق صيحات الجوع تنادي وتنادي ثم أخيراً تسكت بالموت لحظات هي أليمة لا يفكر فيها أحد في من يحكم .. ملك أو سلطان .. رئيس أو قبطان جن أو إنسان بل فقط يكفي من يوجد لحظة أمـان وفقط من يوجد قطعة خبز قبل بلوغ الأكفان أراك تشتكي وأنت لا تدري أيها الإنسان فدعني أوشوش في أذنك بأنك إذا تمعنت جيداً في أكثر من أمان ودع الشأن لصاحب الشأن وقل اللهم أوجد الخير في من تملكته الذمام ملك أو سلطان رئيس أو من الأعيان وبارك خطواته بالعدل والإحسان ثم أنظر حولك فيما أنت فيه من الأمن والأمان ثم أرفع كفك بالحمد والشكر والثناء للرحمن وهو يهب ملكه من يشاء وينزع ملكه ممن يشاء |
|
|
|