هناك مميزات عديدة للعمل في صحافة السيارات. إلى جانب تلك الواضحة منها كقيادة السيارات الرياضية التي لا نحلم بتحمل كلفتها، هناك أيضا قيادة سيارات تمت إلى واقعك بشكل كبير، وهو أمر ينطبق علي في هذه الحالة، ألا وهي تجربة أودي A4 ٢٠١٦ الجديدة. فلسنوات كانت سيارتي الشخصية من طراز أودي A4، ولذلك كنت متشوقا لرؤية مدى التغيير الذي عرفته السيارة.  من النظرة الأولى، لا شك في أن السيارة قد خرجت من مصانع أودي. فالشكل لا يمكن أن تخطئه. ولكن وبينما بدت سيارات أودي لفترة من الزمن نفس السيارة بقياسات مختلفة، يبدو أن أودي قد قررت أن الوقت قد حان لإعطاء كل من سياراتها شخصية محددة أكثر. وفي هذه الحالة، يبرز ذلك في مقدمة أودي A4 ٢٠١٦ الجديدة. فالفتحة السداسية الكبيرة لا تزال موجودة، ولكنها الآن محاطة بأضواء بتصميم مميز، تتوفر بتقنية Matrix LED الفريدة. النتيجة النهائية ليست ثورية، ولكن أودي A4 الجديدة تبدو أنيقة وحديثة.  التغيير الأكبر هو في فئات السيارة. فقد باتت أودي A4 تتوفر بثلاث فئات مختلفة من حيث التجهيزات. الفئة القياسية، فئة (ديزاين)، وفئة سبورت الرياضية. أما خيار S-Line، فيتمتع بصدام أمامي رياضي يعطي السيارة شكلا رياضيا مميزا فعلا، مشابه لطراز S4 الرياضي المميز. هذه الفئات والتميز بينها يظهر أكثر داخل المقصورة. فبين الخشب والمقاعد المريحة في فئة ديزاين، أو المقاعد الرياضية والألمنيوم في الفئة سبورت، تختلف شخصية أودي A4 في الداخل، أمر يمكن أن يعطى تمايزا أكثر بفضل نظام الإضاءة الداخلية الذي يتيح اختيار ٣٠ لونا مختلفا. ولكن التغيير الأهم فيA4 الجديدة هو في تصميم لوحة القيادة، والتي تتخلى عن التصميم السابق، لصالح شكل جديد بخطوط عرضية، أبرز ما فيه فتحات التهوية الممتدة من الوسط حتى طرف الباب الجانبي، لتعطي إحساسا أكبر بعرض المقصورة، وتفصل بين القسم العلوي الداكن والتطعيمات المختلفة، لتعطي شكلا فريدا لكل من الفئات المختلفة.  أهم التغييرات في لوحة القيادة هي إعادة تصميم وتوزيع المفاتيح فيها، بجمع مفاتيح التحكم بالمكيف في منطقة واضحة في الأعلى، تعلو مفاتيح التحكم بالسيارة وأنظمتها. أما في الأسفل عند مقبض التحكم بعلبة التروس، فهناك المقبض الدائري الذكي، والأزرار الواضحة السهلة، والتي تجعل التحكم بنظام المعلومات والترفيه، MMI، سهلا وبسيطا. أما النظام الصوتي المتوفر من “بانج آند أولفسون” مع ١٩ سماعة وقدرة 775 واط، فهو أشبه بالجلوس في قاعة أوبرا!  هذا النظام يعرض معلوماته على شاشة وسطية كبيرة، أو يمكن اختيار خاصية عرض المعلومات على الزجاج الأمامي. إلا أن أكثر ما يميزه هو ذلك القرص الذكي، والذي يمكن كتابة الأحرف عليه بأصابع اليد ليتعرف عليها. إضافة تجعل العثور على عنوان على نظام الملاحة سهلا جدا. هذا النظام يعتمد خرائط “جوجل”، وبالتالي هو نظام سهل مشابه لما ستجده في الهواتف الخلوية الذكية، ناهيك عن كونه واضحا ويتم تحديثه باستمرار. إلا أن العرض الأهم للمعلومات يكمن في لوحة العدادات، أو ما تطلق عليه أودي تسمية “المقصورة الافتراضية، أو Audi Virtual Cockpit. إنها شاشة يمكن تخصيي المعلومات التي تعرضها بحسب رغبة السائق ونمط القيادة، ولا شك في أنها إحدى أكثر التجهيزات تطورا في السيارة، وفي هذه الفئة عموما.  التغييرات في أودي A4 ٢٠١٦ لا تقتصر على التصميم والتجهيزات، بل تمتد إلى جوهر السيارة. أودي كانت الرائدة في مجال استخدام الألمنيوم لتخفيف الوزن، ومع أودي A4 الجديدة، يقل وزن السيارة عن سابقتها بحوالي 120 كيلوغراما، مع زيادة في صلابة السيارة وقوتها. أما المحركات، فستتوفر أودي A4 ٢٠١٦ في أسواقنا بثلاث فئات مختلفة، تحمل أرقام 30 و40 و45، كل منها بمحرك مختلف. الطراز القياسي يتوفر بمحرك عالي الفعالية، بسعة 1.4 ليتر فقط، ولكن بفضل التيربو يولد 150 حصانا ويصل بالأودي A4 إلى 100 كلم/س في 8.5 ثانية. المحرك الثاني هو من فئة 2.0 ليتر، مع تيربو أيضا، وبقوة 190 حصان يدفع السيارة إلى 100 كلم/س في 6.7 ثانية فقط. أما المحرك الثالث، وهو الذي زودت به السيارة في تجربة أودي A4 ٢٠١٦ التي قمنا بها، ولكن قوته تبلغ 252 حصانا، ولأن هذا الطراز مزود بنظام كواترو للدفع الرباعي على عكس الطرازين الآخرين اللذان يندفعان بعجلاتهما الأمامية، تصل السيارة إلى 100 كلم/س في 5.8 ثانية. كافة المحركات تتصل بعلبة تروس جديدة من فئة S-Tronic، من سبع نسب أمامية مع كلتشين، بوزن أخف وخاصية التشغيل/الإيقاف عند توقف السيارة. التغيير إذا كبير، ولكني أكاد أقسم أن وضعية الجلوس في أودي A4 الجديدة لا تختلف عنها في طراز 2009، وهذا ليس انتقادا على الإطلاق. فسيارات أودي كما لاحظت من خلال قيادة العديد من السيارات، تتمتع بمجال حركة واسع جدا في المقاعد،وفي كافة الاتجاهات. ومع مقود يمكن تحريكه صعودا وهبوطا وإلى الأمام والخلف، فإن العثور على وضعية الجلوس المثالية ليس بالأمر الصعب.   هذه “الجينات” المشتركة باتت الآن تمثل جزءا من شخصية أودي. وبمجرد الانطلاق بالسيارة تظهر جليا. الاختلاف هو أنها تقوم بكل ما تقوم به الأجيال السابقة، ولكن بشكل أفضل من قبل. الطراز المستخدم في تجربة أودي A4 ٢٠١٦ هو كما أسلفت الطراز الأقوى المزود بمحرك بقوة 252 حصان. ولكن عزم المحرك البالغ 370 نيوتن متر تتوفر بين مستوي دوران 1700-4500 د/د، هو الذي يدفع السيارة بكل سلاسة عند الانطلاق. وبفضل علبة التروس. وعند تركها في الوضعية الأوتوماتيكية، فإن السلاسة هي فعلا العنوان، إذ تسير أودي A4 الجديدة بكل نعومة بدون أن تشعر بأي عملية لتغيير النسب.   نظام التعليق الجديد يلعب دورا هاما في هذا الأمر. فقد تم تزويد A4 الجديدة بنظام تعليق متطور من خمس وصلات في الأمام وفي الخلف، ولأول مرة تتوفر السيارة أيضا بنظام ممتصات صدمات متغير، بحيث يمكن الاختيار بين النمطين القياسي والعادي، وخفض ارتفاع السيارة بمقدار 23 مليمترا مقارنة بالطراز القياسي. أثر هذا التعليق يبدو واضحا عند تجربة أودي A4 ٢٠١٦ على الطريق لأول مرة. في الجيل السابق من أودي A4 كنت أشعر بأن السيارة بحاجة إلى بعض المرونة في تعليقها. مع النظام الجديد، وخاصة عند اختيار النظام المتغير، يمكن بوضوح ملاحظة الفارق، مع تعليق أقسى في النمط الرياضي، وأكثر راحة في النمط القياسي. بل يمكن القول أن أودي وجدت أخيرا الصيغة الملائمجة للاختلاف بين الأنماط المختلفة للقيادة. فعند اختيار النمط الرياضي، بات تجاوب السيارة، من حيث المحرك وعلبة التروس أفضل بشكل واضح عن ذي قبل. وبينما في كثير من السيارات هذا التميز لا يتعدى كونه مجرد إزعاج إضافي، فإن أودي A4 تتجاوب بشكل أفضل، خاصة وأن تأخر عمل التيربو، أو ما يعرف بالـ Turbo lag، ليس بالملحوظ خلال القيادة العادية إطلاقا. المقود، والذي بات أيضا يتميز بتصميمه بحسب الفئة، متجاوب وسريع، وإن كان النمط الرياضي فيه يزيد من ثقل الحركة أكثر من كونه يزيد التفاعل مع السيارة. إلا أنه ممتاز عند القيادة على الطرق السريعة.  على هذه الطرق، تشع قدرات أودي A4. الهدوء في داخل السيارة مثالي، المساحات واسعة، والراحة ممتازة على الطريق. أما تجاوب المحرك فسريع، وعلبة التروس سلسلة وسريعة في عملها. إلا أن رفع السرعة على المنعطفات يكشف جانبا آخر من شخصية السيارة. اختر النظام الرياضي، انطلق بقوة واستكشف قدرات نظام كواترو للدفع الرباعي. هذا النظام يحول 60٪ من عزم المحرك إلى العجلات الخلفية في وضعه القياسي، ولكن بإمكانه تحويل حتى 85٪ منه إلى الخلف، أو 70٪ منه إلى العجلات الأمامية بحسب تماسكها. والنتيجة سيارة عالية الثبات بشكل مدهش. ومع إمكانية التحكم بالغيارات يدويا، والتجاوب الفوري لعلبة التروس ذات الكلتشين، يمكن قيادة A4 الجديدة كما لو كانت سيارة رياضية فعلا، توفر تجربة أداء ممتعة.  طبعا من حيث التجهيزات التقنية وتجهيزات السلامة، توفر أودي مجموعة كبيرة من الأنظمة لمساعدة السائق، ومنها نظام (pre-sense city) للسلامة في المدن، والذي يمسح الطريق بحثا عن السيارات والمشاة، ويشغل المكابح بشكل كامل عند الضرورة. كما تتوفر A4 الجديدة بنظام تثبيت السرعة المتكيف، والذي بإمكانه التحكم بعملية التوجيه حتى سرعة 65 كلم/س، لتوجيه السيارة عن طريق اتباع خط سير السيارات في الأمام. وطبعا هناك نظام التحذير من مغادرة المسرب، والتحذير من النقاط العمياء، وعند الرجوع إلى الخلف. كما يتوفر في السيارة نظام المساعدة على ركن السيارة، والذي يقوم بمناورة السيارة للركن في المساحات المتوازية أو على يمين الطريق، عبر تحديد هذه المواقف، وكل ما على السائق فعله هو التحكم بعمليات التسريع، وتبديل التروس والفرملة. أما أنظمة السلامة مثل أكياس الهواء ونظام التحكم بالتماسك وغيرها، غمن البديهي أنها تتوفر قياسيا في سيارة أودي الجديدة. إلا أن ما يميز أودي A4 الجديدة حقا هو تجربة القيادة. فلفترة طويلة من الزمن، كنت دائما أشعر فعلا بأن أودي تجمع راحة بي إم دبليو وتفاعل مرسيدس، منافساتها الرئيسية، وكنت أتمنى لو كان الأمر معكوسا. تجربة أودي A4 ٢٠١٦ تظهر بوضوح أن أودي عكست الآية. فقدمت سيارة مريحة، واسعة وعملية، تنافس في قدراتها الديناميكية سيارات بي إم دبليو، وتتمتع براحة تضاهي سيارات مرسيدس، وتضيف إليها جودة مقصورة أودي الأسطورية. وإن كان ذلك لا يكفي لصنع سيارة متفوقة في هذه الفئة، فلا أدري إن كان هناك حل أفضل. |
|
|
|