فإذا فرغت فانصب
تفتح هذه الآية الكريمة للمسلم نافذة على جانب من منهج الحياة في الإسلام. إنه جانب يتعلق بالحركة المستمرة والنشاط الذي لا ينقطع. فالآية تحمل إشارة إلى أن المؤمن ينبغي أن يكون في حركة دؤوب تصاحبه في كل آونة وحين. يتحرك عندما يعمل، ويتحرك عندما يرتاح. عمله راحة، وراحته عمل. نعم، إن حاجة الإنسان الفطرية إلى الراحة لا تنتفي، وترسيخا لهذا الحق الفطري فقد جعل الإسلام لأبداننا علينا حقا. لكن الراحة المقصودة هنا هي الراحة النشيطة الإيجابية التي يتحول بها وقت الفراغ من نعمة مغبونة إلى نعمة مضمونة، يستفيد منها صاحبها متعة بالراحة وأجرا أخرويا على تلك الراحة. فيكون له بدل الأجر أجران؛ أجر على الراحة مع أجره على العمل. والراحة المأجورة هي التي توضع في موضعها الصحيح، ولا تُستثمر فيما يعود على صاحبها أو على محيطه بالضرر. فهذه مرتبة يطلب صاحبها الراحة لتكون عونا له على العمل. وهناك مرتبة أعلى منها وهي مرتبة من يرتاح بالعمل بدل أن يرتاح من العمل، ويجعلُ وقت راحته مقدمة لعمل آخر دون كلل أو ملل. الذي يعيش في هذه المرتبة هو الذي يرافقه الإحساس باليسر على الرغم من عسر العمل ومشقته. فهو الذي يعيش اليسر في العسر، وهو الذي يعيش حياته كاملة بلا فجوات.
فاللهم أذقنا لذة الراحة بالعمل، وارزقنا حسن تدبير وقتَيْ الراحة والعمل، ووفقنا في جميع ذلك لما تحب وترضى. |
|
|