جاكوار ليست اسما جديدا في عالم سباقات السيارات. فسجل جاكوار الناصع يشتمل على انتصارات عديدة، أبرزها بلا شك كانت على ساحة السباق الأشهر في العالم، سباق 24 ساعة في لومان. ولكن جاكوار اعتزلت عالم السباقات خلال العقدين الماضيين، باستثناء دخولها، أيام ملكية فورد لها، لفترة وجيزة عالم الفورميولا واحد، قبل أن تقرر فورد الانسحاب. إلا أن الشركة قررت اليوم العودة إلى عالم سباقات السيارات، ولكن عبر بوابة جديدة، هي سباقات الفورميولا إي الكهربائية. لماذا هذا القرار، ولماذا هو جيد لصناعة السيارات عموما، ولجاكوار على وجه الخصوص؟ بطولة العالم لسيارات الفورميولا إي تدخل الآن موسمها الثالث، حيث تتسابق 20 سيارة، على حلبات داخل المدن حصريا، في أكبر مدن العالم، من هونج كونج، مرورا بباريس وموناكو، وانتهاء بنيويورك. السباقات نفسها مثيرة، والبطولة خلال موسميها الأولين لم تحسم سوى في جولتها الأخيرة. ولكن الموسم الثالث الذي انطلق مؤخرا في هونج كونج، والموسمين القادمين، يعدان بإثارة أكبر، مع دخول جاكوار على خط البطولة كفريق رسمي، إلى جانب رينو، ومع تواجد أكبر لفريق أودي وإعلان بي إم دبليو تحالفها مع أحد الفرق، بينما حجزت مرسيدس مقعدا في الموسم الخامس، لتتأكد الشائعات حول نيتهما الدخول في البطولة رسميا. لنتعرف أولا على ماهية سباقات الفورميولا إي. كما هو واضح من اسمها، سلسلة سباقات فورميولا إي هي سباقات لسيارات المقعد الأحادي مشابهة من حيث المبدأ لسيارات الفورميولا واحد، ولكنها تستعيض عن المحركات التقليدية ونظام الهايبرد الهجين بمحركات كهربائية بالكامل. أي أن السيارات تعتمد على البطاريات بشكل تام دون وجود محرك تقليدي. هذا الأمر ليس الاختلاف الوحيد. فالسيارات في الفورميولا إي ليست من إنتاج الفرق، على الأقل ليس بالكامل. “فالشاصي”، أو القاعدة الأساسية للسيارة، وتحديدا القسم الأمامي من خلف السائق إلى المقدمة، موحد لجميع الفرق، وهو من إنتاج شركة “داللارا” الشهيرة في صنع سيارات السباقات. ولكن القسم الخلفي، تحت الغطاء، يختلف من فريق إلى آخر. فكل فريق يقوم الآن بعد أن كانت السيارات متشابهة تماما في الموسم الأول، بتصميم نظام استعادة الطاقة الحركية، المحول والمحركات الكهربائية، بالإضافة إلى علبة التروس ونظام التعليق الخلفي. أو بعبارة أخرى، كل ما يتصل بالبطاريات المحددة من قبل المنظمين، والتي تولد طاقة تصل إلى 200 كيلوواط، أو ما يوازي حوالي 250 حصانا. قد يبدو هذا الرقم متواضعا بالمقارنة مثلا مع سيارات الفورميولا واحد أو سيارات سباقات التحمل (WEC) والتي تتجاوز بسهولة حاجز 700 حصان. ولكن علينا أن لا ننسى أن هذه السيارات ليست بالثقيلة (الوزن الأدنى لها هو 800 كيلوغرام) وأن المحركات الكهربائية، وعلى عكس المحركات التقليدية العاملة بالبنزين أو الديزل، لا تحتاج إلى أي وقت لتوفر عزمها الأقصى، وبالتالي تسارع السيارات ممتاز، إذ تصل إلى سرعة 100 كلم/س في حوالي 2.7-3.0 ثانية، وعلى إطارات ميشلان المحددة، والتي تزود بأخاديد حتى يمكن استعمال نفس الإطار حين تهطل الأمطار. أما سرعتها القصوى فمحددة عند 225 كلم/س. ولكن لماذا تنخرط جاكوار في هذه البطولة؟ الأمر قد يبدو غريبا للبعض خاصة وأن جاكوار لا تنتج سيارات كهربائية. بل إنها لا تنتج حتى سيارات هايبرد. ولكن، وكما يبدو فإن مسؤولي جاكوار يخططون على المدى البعيد. فإذا كان عالم صناعة السيارات يتجه نحو المحركات الكهربائية، فلماذا الانتظار في بطولات لتكنولوجيا معقدة، ومكلفة جدا، بينما يمكن التوجه إلى الهدف فورا، في بطولة تحكمها قوانين تحد كثيرا من التكاليف؟ الحقيقة هي أن شركة جاكوار، مثل أي شركة سيارات أخرى، تنظر إلى إنتاج سيارات كهربائية. والمشاركة في البطولة، وعلى الرغم من الاختلاف بينها وبين تقنيات سيارات الإنتاج التجاري، إلا الهدف هو اكتساب الخبرة في مجالات مثل تبريد البطاريات والمحركات الكهربائية، استعادة الطاقة الحركية والأهم، برمجة الإلكترونيات لتوفير أفضل أداء لهذه المحركات. أين ستتواجد هذه المحركات؟ في سيارات جاكوار، وقريبا جدا. إذ يبدو أن الشركة البريطانية ستقدم أول سياراتها الكهربائية قريبا بحسب ما فهمناه من مسؤولي الفريق خلال حضورنا لسباق هونج كونج، الجولة الأولى من البطولة هذا العام. السباق الأول لم يكن سهلا للفريق، فقد عانى من بعض المشاكل التي أدت لانسحاب إحدى سيارتيه بقيادة ميتش إيفانز، فيما لم تسعف مجريات السباق، مع بعض الحوادث ودخول سيارة السلامة، السائق الثاني آدم كارول للوصول إلى مركز أفضل من المركز الثاني عشر. بداية قد تبدو مخيبة للآمال، ولكن الحقيقة هي أن أداء السيارة يبدو جيدا، خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على مستويات الطاقة. السباق التالي سيجري في مراكش في المملكة المغربية. ولا شك في أن جاكوار سترفع شيئا فشيئا من أداء سياراتها، للمنافسة على البطولة. إلا أن الفهد البريطاني ربما يتطلع إلى أبعد من ذلك، وتحديدا إلى تجهيز سيارته للمنافسة خلال المواسم القادمة. فما من شيء سيثبت موقع سيارات جاكوار في مواجهة الألمان، أكثر من الانتصار عليهم في ميادين السباقات. ومع دخول الثلاثي، مرسيدس وبي إم دبليو وأودي خلال السنوات القادمة، فلربما سنشاهد صراعا حقيقيا علي الانتصار. صراع سينعكس على تكنولوجيا السيارات التي سنقودها كل يوم قريب |
|
|