ليتنا نكونُ كشجرةِ الياسمين شجرُ الياسمينِ يمكنهُ أن يتحمَّلَ شحَّ الماء، و لكنه عندما يفقدُ آخرَ عواملِ الصمودِ بسببِ تكسَّرِ أغصانهِ اليابسة؛ حين ذاكَ يُعْلِنُ شجرُ الياسمينِ عصيانهُ، و يؤكدُ على عدمِ استمرارِ حلمهِ أكثرَ من ذلكَ فتذبلُ الياسمينةُ وتجِفُ، غير أن الأملَ والصبرَ لا يجفانِ بداخلِها. لطالما وقفتُ أمامَ هذهِ الشجرةِ أتأملُ جمالَ ما خلقَ الله ، وزهرتِها التي تعتبرُ مكتملة لاحتِوائِها على خمسِ ورقاتٍ متراصاتٍ بجوارِ بعضهنَّ مع وجودِ مساحةٍ بين الورقة و أختَيها سبحانَ من أبدعَ هذا الجمال الربانِّي الذي يميزُ هذهِ الزهرة عن أيَّ زهرةٍ أخرى بالإضافةِ إلى رائحتِها التي لا يختلفُ عليهَا أحدٌ شجرةُ الياسمينِ كثيراً ما تُهملُ بمجردِ ظهورِ أزهارِها، و كأنَّ حلولَ أجلِها بظهورِ هذهِ الأزهار وبما أن مصدرَ سِقايتِها يكونُ بعيداً عنها بحوالي مِترين، فلعلهَا فكرت يوماً بمخرجِ طموحٍ من سجنِها ،، وربما حاولت مراتٍ ومراتٍ لكنها لم تنسَ يوماً أنها شجرة ؛ فأبعدت فكرة أن يكون لها ساقان تمشِي بهما إلى الماءِ المتجمعِ عند مصدرِ السقايةِ ، و اكتفت بمواساةِ النسماتِ لأوراقِها صيفاً و شفقةِ الغيومِ عليهَا شتاءاً إنها شجرةٌ علمتنِي الصبرَ منذُ الصغرِ في بستانِ جدِّي ، حقاً إنها صابرة رغمَ الإقامةِ الجبريةِ على الأرضِ الجافةِ ، الصبرُ يعني وجودَ أملٍ ; كما يعني منظرُ النخيل في الصحراءِ وجودَ واحةٍ إنَّ شجرةً أخرى بمثلِ معاناتِهَا وقسوةِ الحياةِ التي تعيشُهَا والجروحِ التي تجنيهَا يومياً لن تقدرَعلى الرسوخِ ليومٍ آخرَ على الأرضِ ، لكنَّ شجرتنا أعلنت تحديهَا لكلِّ ذلكَ أعلنت تحديهَا لِما هو أصعب،، في هذهِ الحياةِ المريرةِ و أبدت انتصارهَا بالثوبِ الأخضرِ الذي وعدتْ بأن لا تنزعَهُ مهما كانتِ الظروف،، و كمْ كان انتصارهَا أعظم حين بدأت براعمُ الياسمين البيضاء تنتشرُ على وجههَا المتعبِ . ليتنا ولكن قوةَ التحمِّلِ لدى البعض منَّا تضعفُ بسرعةٍ ليتنا نحمِلُ أملاً يساوي غصناً من أغصانها لأن أغلبنَا يستسلمُ عندَ أولِ محطةٍ يفشلُ فيها في مشوارِ الحياةِ ، فما عساني أن أقولَ سوى أن لنا عقلاً نتأمل بهِ و نتفكَّر في كل رمزٍ للصبرِ و الأملِ حولنا مما خلق الله عزَّ و جلَّ لكن ما باليدِ حيلةٌ غير الصبرِ على عدمِ الارتواءِ لحين ظهورِ الأزهار ذات الرائحة التي تطيب لها النفس و البال ويستقرُّ بها الحال |
|
|
|