إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]..
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1]..
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71]. الحمد لله القائل في كتابه، ممتناً على عباده: وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إبراهيم:33-34]. فإذاً: هذه الشمس وهذا القمر، وهذا الليل، وهذا النهار من نعم الله، ولو لم يكن هناك ليلٌ ولا نهار، ولا شمسٌ ولا قمر، ولم يكن هناك زمن يقضي فيه العباد أعمالهم، فكيف سيكون الحال؟ ولذلك كان هذا الزمن نعمة من نعم الله، جعله الله ليستفيد منه العباد: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً [الفرقان:62]. جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، ولذلك لما كان هذا الزمان نعمة مسئول عنها العبد، كانت محاسبة الله للكفار شديدة، فإن الله يؤنبهم يوم القيامة، لما أعطاهم العمر المديد ففرطوا فيه قال الله عز وجل: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ [فاطر:37]. تأنيب، أولم نعمركم في الدنيا؟! ولكن ليست هناك منفعة، ولا تذكر أحد، وجاءكم النذير، ويمدح الله المؤمنين عندما يدخلون الجنة فيقول: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة:24]. يعني: أنهم استغلوا الأيام وصاموا فيها، وعبدوا الله فيها، ولذلك يوم القيامة في الجنة كوفئوا على هذا الاستغلال للوقت: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة:24] أي: في الدنيا. عمر الإنسان ما هو؟ هو لحظات..
دقائق..
ساعات..
أيام..
شهور..
سنوات، وهذه الشجرة، يا ابن آدم! إنما أنت لحظات، فإن ذهبت لحظة ذهب بعضك حتى يذهب الإنسان كله، ولذلك الله عز وجل عندما يعطي العبد نعمة يسأله عنها: (لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه) حديثٌ صحيح. |
|