في زمن الغُربة الثانية، تجد الناسَ في ضروب شتَّى، ومفارقِ طرقٍ مختلفة، وحينما تحاول التَّمثُّلَ بالصَّحب الكرام في إكرام الناس، وبثِّ الوُّد في المحيط الاجتماعي، وتبدأ بإلقاء السلام عليهم - تجد العجبَ العُجاب.
ينقسم الناس عند إلقائك السلام إلى نوعين:
نوع يرد عليك السلام، وآخر لا يرد عليك السلام.
الأول: يرد عليك السلام:
وهذا أحدُ رجلين؛ الأول: يرد عليك فَرِحًا متهلِّلًا، مَن هذا الذي لا زال يُلقي السلام على الناس؟ وكأنك جئتَ من عصر السلف الكرام، أما الثاني: فيردُّ مندهشًا مستغربًا مستنكرًا، وكأن لسان حاله يقول: من هذا الذي يتصنع ويتكلَّف، ويلقي علينا السلام، وكأنه أحدُ الشيوخ الكبار؟ وينظر إليك شزْرًا من طرف حانق، حتى يجعلَك تتمنى أنك لم تُلقِ عليه السلام من البداية.
الثاني: لا يرد عليك السلام:
وهذا أيضًا أحدُ رجلين؛ الأول: لا يرد السلام وهو يسمعك جيِّدًا؛ لكنه لا يريد أن يُصدِّقَ أُذُنَه؛ فينظر إليك مندهشًا؛ لكي يتأكد مما سمعه، أو لعلك تُلقي السلام مرة أخرى فيتأكد مما سمعه في المرة الأولى، أما الثاني:فلا يرد سواء أسمِعك أم لم يسمعْك، فالأمر عنده سيَّان؛ فقد تعوَّد على ملاقاة الناس ليلَ نهارَ دون الحديث مع أحدهم، أو إلقاء السلام عليه، فهو لا يبالي بمَن يمرُّ عليه، أو يلقي عليه السلام.
ونختم كلامَنا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خيرٌ؟ قال: ((تُطعِم الطعامَ، وتَقْرأ السلام على مَن عرَفت ومَن لم تعرف