وقفات عند مرض الرسول (صلَّ الله عليهِ و سلَّم )
فوائد من حديث:
لما ثقل النبي (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) د. إبراهيم بن فهد بن إبراهيم الودعان
عن عبيدالله بن عبدالله قال: قالت عائشة رضي الله عنها: "لما ثقل النبي (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) واشتدَّ وجعُه؛
استأذن أزواجَه أن يُمرَّض في بيتي، فأَذِنَّ له؛ فخرج بين رجلين تخطُّ رجلاه الأرض، وكان بين العباس ورجل آخر".
قال عبيدالله: فذكرت ذلك لابن عباس ما قالت عائشة، فقال لي:
وهل تدري من الرجل الذي لم تُسَمِّ عائشة؟ قلت: لا! قال: هو علي بن أبي طالب[1]. من فوائد الحديث:
1- مرض النبي (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) وشكايتُه، هما من الدلائل على بشريته.
2- كانت أول شِكاية للنبي (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) في بيت أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها[2]، فكانت تقوم برعايته والعناية به في يوم نوبتها.
3- أدب النبي (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) ، وحُسن خُلُقه؛ حيث استأذن زوجاته في أن يُمرَّض في بيت عائشة رضي الله عنها.
4- المرض يؤثِّر على الإنسان، فيُضعف البدن، ويشوِّش على الفكر.
5- وصف دقيق لحال النبي صلى الله عليه وسلم حينما خرج من بيت ميمونة رضي الله عنها، إلى بيت عائشة رضي الله عنها.
6- كان المرض شديدًا على النبي (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) حتى إنه خرج يُهادَى بين اثنين من الصحابة، ويَخطُّ برجليه في الأرض.
7- ذكرت عائشة رضي الله عنها واحدًا من الصحابة، وهو العباس رضي الله عنه، والآخر وهو علي رضي الله عنه لم تذكره؛
وسبب ذلك قول علي رضي الله عنه في حادثة الإفك: "يا رسول الله، لم يضيِّق الله عليك، والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تَصْدُقْك"[3]
وقال العيني - رحمه الله -: "بأنه كان في قلبها منه ما يحصل في قلوب البشر مما يكون سببًا في الإعراض عن ذكر اسمه
وجاء في رواية: "بين الفضل بن عباس"[4]، وفي أخرى: "بين رجلين أحدهما أسامة"، وطريق الجمع أنهم كانوا يتناوبون الأخذ بيده الكريمة
تارةً هذا وتارةً هذا، وكان العباس أكثرهم أخذًا بيده الكريمة؛ لأنه كان أدومهم إكرامًا له واختصاصًا به، وعليٌّ وأسامة والفضل يتناوبون اليد الأخرى
فعلى هذا يجاب بأنها صرَّحت بالعباس، وأبهمت الآخر لكونهم ثلاثة، وهذا الجواب أحسن من الأول"[5]
وإن كنت أرجِّح الأول لقوَّته، وهو أمر بشري.
8- سماع الصحابي عبدالله بن عباس رضي الله عنهما من التابعي عبيدالله بن عبدالله بن عتبه[6]، وهذا شرف لهذا التابعي.
9- لا بأس أن تهب بعض الضَّرَّات نوبتها للضَّرَّة الأخرى.
10- رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) الأسوة الحسنة، والحجة البالغة.
11- فضل عائشة، رضي الله تعالى عنها، لتمريض النبي (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) في بيتها مدَّة مرضه.
12- جواز التداوي للمريض، وأنه ليس من ضعف التوكُّل.
13- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشتد به المرض؛ ليعظم الله أجره بذلك؛
حيث قال (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) : ((إني أُوعك كما يُوعك رجلان منكم))[7].
14- أن المريض تسكن نفسه لبعض أهله دون بعض[8].
15- تفتخر عائشة رضي الله عنها بأن النبي (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) يُمرَّض في بيتها. -----------------------------
[1] البخاري 665، مسلم 418.
[2] في رواية مسلم 418.
[3] البخاري 4750.
[4] في رواية مسلم 418.
[5] عمدة القاري 3 /92.
[6] عبيدالله بن عبدالله بن عتبة: مفتي المدينة، وأحد الفقهاء السبعة، من كبار التابعين؛ سير أعلام النبلاء 4 /475 - 479.
[7] البخاري 5648، مسلم 2571.
[8] من 9 - 14 مستفاد من عمدة القاري؛ للعيني 3 /92. الالوكة الشرعية |
|
|
|