أن المعاصي تزرع أمثالها ، وتولد بعضها بعضا ، حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها كما قال بعض السلف : إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها ، وإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها فالعبد إذا عمل حسنة قالت أخرى إلى جنبها : اعملني أيضا ، فإذا عملها قالت الثالثة كذلك وهلم جرا ، فتضاعف الربح ، وتزايدت الحسنات وكذلك كانت السيئات أيضا ، حتى تصير الطاعات والمعاصي هيئات راسخة ، وصفات لازمة وملكات ثابتة ، فلو عطل المحسن الطاعة لضاقت عليه نفسه ، وضاقت عليه الأرض بما رحبت وأحس من نفسه بأنه كالحوت إذا فارق الماء ، حتى يعاودها ، فتسكن نفسه ، وتقر عينه . ولو عطل المجرم المعصية وأقبل على الطاعة ؛ لضاقت عليه نفسه وضاق صدره وأعيت عليه مذاهبه حتى يعاودها ، حتى إن كثيرا من الفساق ليواقع المعصية من غير لذة يجدها ولا داعية إليها ، إلا بما يجد من الألم بمفارقتها . كما صرح بذلك شيخ القوم الحسن بن هانئ حيث يقول : وكأس شربت على لذة وأخرى تداويت منها بها وقال الآخر : فكانت دوائي وهي دائي بعينه ................ كما يتداوى شارب الخمر بالخمر ولا يزال العبد يعاني الطاعة ويألفها ويحبها ويؤثرها حتى يرسل الله سبحانه وتعالى برحمته عليه الملائكة تؤزه إليها أزا ، وتحرضه عليها ، وتزعجه عن فراشه ومجلسه إليها . ولا يزال يألف المعاصي ويحبها ويؤثرها ، حتى يرسل الله إليه الشياطين ، فتؤزه إليها أزا . فالأول قوي جند الطاعة بالمدد ، فكانوا من أكبر أعوانه ، وهذا قوي جند المعصية بالمدد فكانوا أعوانا عليه . إسلام ويب ~ |
|
|
|