نفضّ الغبار أَلذي أَغرَق الكُتب! وجلسَ على كُرسِيهِ القديم واضِعاً معه سنواتٍ طِوال،، ثم بدأ بالاستماع لتراتـِيل المذياع.. كانت مُجرد حشرجَة يتلذذ بِسماعِها. أغلق عيناه فتخايل لهُ من خلفِها ضوءاً خافت! واذا بها الشمس تعلن قدومها رويداً رويداً حتى أُسدِلت السحابُ عليها وبدأت القطرات الناعمة الهادئة تماماً كهدوء الموسيقى في اذنيه بالهطول، وبدأت اصواتُ الصباح تتعالى، صرخات الطلاب الضاحكة تتناغم مع الموسيقى وقطرات المطر راكضين آمنين، ثم تسائل بِخوف في نفسه : لِمَ لم يأتِ أحد اما كانت مكتبتي مُزدحمة؟! كان الجميع يمُر - دون ان ينظر اليه حتى! - صديقه المقرب، أخاه، العابرون المألُوفون" لم يدخل أحد! وبعد ترقب اضطرب داخله وأخفت صوت الموسيقى طقطقة البنادِق، وتحول صوت المطر الى قرع سلاسل! 'لازال مغمض العينين' - بأي حق تتعدى على ممتلكات الدولة؟ - هنا مكتبتي وهذا المذياع من صديق. -لماذا لا تجيب الا تسمع؟! 'نعم كان مغلَق الصوت ومغلِق العينان'! - هيا كبِّلوه. طوقوا يداه، أغلقوا حلمه، أعادوه الى واقعه لكنه لا يزال مغمض العينين! أخرجوه فتحولت ضحكات الطلاب في مخيلته الى تساؤلاتٍ عبِئَة : ياجــــدُ قــل لــــي مــــا الجــديد في موطــــنٍ قــــد كــــــان آواكــ مالي أرى كُــــل الســلاسل جُمِّعت لــتــكــون حـــــولَ يـــداك أقتلت نفساً ياتقي الروح ام خنت الوطن؟ تلــــك الامــــور امــــورهم ألّاك! فأجاب بصوته المغلق: كل الجرائم يا بني تغيرت عــن ما ذكــــر فالسجن للشاعر وللعابر وهــــا انا ذاكــــ ان لم اكن حر اللسان وحر قلمي المنكسر فلا فرق في عيشي هــــــنا وهنــاك 'ولم يزل يغمض عينيه' - - عذَّب الأصفاد رجل من، حــديد أغمض العينين من يومٍ، جــديد أغمض العينين للماضي السعيد
أغمض العينين حتى يوم، عــيد |
|
|
|