المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغُرِّ المحجلين نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحبًا بحضراتكم إلى درسٍ جديدٍ من دروس "المنتقى".
ضيف اللقاء هو سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء.
مع مطلع هذا اللقاء نُرحب بسماحة الشيخ، فأهلًا ومرحبًا يا سماحة الشيخ.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
بَابُ الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ
- عَنْ لَقِيطِ بْنِ صُبْرَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْوُضُوءِ، قَالَ: أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: اسْتَنْثِرُوا مَرَّتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذان الحديثان يدلان على شرعية المبالغة في الوضوء والعناية، يقول النبي ﷺ في حديث لقيط: أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا، هذا هو الواجب على المؤمن في وضوئه: أن يعتني بوضوئه، وأن يُسبغه، وقد قال النبي ﷺ للمسيء في صلاته لما علَّمه قال: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء واستقبل القبلة ... الحديث.
فأسبغ الوضوء معناه إكماله حتى يغسل وجهه، كما أمر الله، يستنشق ويستنثر ويتوضأ كما أمره الله، يمسح رأسه وذراعيه كما أمره الله، يغسل رجليه وكعبيه كما أمر الله، هذا معنى إسباغه، يعني: إكماله وإتمامه.
وخلل بين الأصابع حتى لا ينبو عنها الماء، يُخلل بين أصابع رجليه ويديه حتى لا ينبو عنها الماء.
وبالغ في الاستنشاق وهو أن يستنشق الماء ويستنثر، إلا أن يكون صائمًا؛ لأنَّ المبالغة في حقِّ الصائم قد تذهب المياه إلى جوفه، ولكن يُبالغ إذا كان مُفطرًا، أما إذا كان صائمًا فلا يُبالغ، يستنشق ويستنثر ولكن من دون مبالغةٍ؛ لئلا يُفضي ذلك إلى ذهاب الماء إلى جوفه.
وفي حديث ابن عباس: ثنتين بالغتين أو ثلاثًا يعني: يدل على أن التثليث هو السنة، ولا يجب، لو مضمض واحدة أو ثنتين كفى، لكن كونه يتمضمض ثلاثًا، ويستنثر ثلاثًا هذا هو الكمال كما تقدم في الأحاديث.
المقدم: الخمسة الذين رووا الحديث مَن هم؟
الشيخ: رواه عبدالله بن زيد، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب ، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وأبو هريرة، ورواه غيرهم أيضًا.
المقدم: لو فرض أنَّ الصائم وصل إلى جوفه قطرات من الماء، ما الحكم؟
الشيخ: إذا ما تعمد ما يضرّه، إذا غلبه ذلك ما يضرّ، لكن يتحرى حتى لا يصل.
س: بعض الناس إذا كان صائمًا يتحرز من بقايا الماء ويُبالغ في تفله؟
الشيخ: لا، ما يضر، الريق ما يضر، لكن لا يتعمد بلع الماء الذي هو جزء من الماء، أما الرطوبة ما تضرّ.
س: ما معنى "بالغتين" في الحديث؟
الشيخ: يعني: بالغ في المضمضة حتى يعمّ فمه، يُزيل ما فيه من الأذى والوسخ. |
|
|