تعلمت الكثير منك تعلمت الكثير منك
تعلمت أشياء لا تعد ولا تحصى
علمتني أن الأمل قطوف دانية
ما علي إلا أن أمد يدي إليها
وأن الحياة صفحة بيضاء
علي أن أملأها ..
أن أكتب وأكتب ..
علمتني أبجدية الحياة
قبل أبجدية الحروف
تعلمت منك كل الحروف
وكيف أختزلها في بضعة أحرف
تعلمت حرفين
فعرفت معنى الحاء والباء
حين يلتقيان
وأدركت كنه العين والشين والقاف
حين تلتئم
وفهمت حقيقة الشين والواو والقاف
حين يلمهما البعد
تعلمت أن البعد عنك قرب
وأن القرب منك انصهار فيك
علمتني ألا فرق بين الألوان
وأن الاختلاف فقط في بهائها
تعلمت منك أن السواد يضاهي الأبيض نصاعة
ويحاكي الأخضر في ينعه
ويشبه الأزرق في صفائه
ويخجل كما يخجل الشفق
أدركت معك أن الليل يتيه جمالا
وأن السحر يتضوع شذا
وأن الفجر يتنفس أملا ورجاء
علمتني كيف يصير الألم متعة
حين أعيشه وأعايش وخزاته
وجعلتني حين أشعر بالوجع يحاصرني دوما
أعيش لذة اوجاعي
علمتني أن أحلم
وأن أجعل حلمي واقعا
وواقعي حلما جميلا
رغم الألم .. رغم الأسى .
علمتني أن أكون طيرا
يحسب من لا يعرفني أنني
لن ارحل عن مكان اعتدت أن أغرد على نوافذه
ولكن ما أن يهمس الخريف حتى ارحل بعيدا
تعلمت حين أتحدث
أن أشعرك بغنائي
وأن أسمعك عزفي على أوتار الكلمات
لتتبعثر حروفي
وتضيع أنفاسك في جحر رذاذ الصدى
وكأنك تحاولين لملمة حبيبات اللؤلؤ
إلى عالمها لتعيش هذا الصفاء
وتعود إلى فطرتها دون جزع
وكأنه العروج إلى عوالمها
تعلمت منك لغة الورود والفصول الأربعة
وتعلمت كيف أنصت إلى الربيع
وهو يختال زهوا هامسا للصيف
وكيف يتمايل الخريف معانقا قشعريرة الشتاء
علمتني كيف أصير طفلا
أرتع وألعب وأشاكس وأعاند
وكيف أعود هادئا أحلم بحكايا ولعب
تعلمت منك كيف أتألم مبتسما
وكيف تنقلب شراستي إلى وداعة
وفورة غضبي إلى سكينة
عندما تعبسين باسمة
وتغضبين ضاحكة
علمتني أنك حين ترحلين
فإني لا أفتقدك ، لأنك تكونين
في كل مكان وفي كل زمان
تعلمت منك كيف أكون أنا
حين أخاصم نفسي
ولا أدري من أكون . |
|
|
|