(( الحزن الممنوع …. هو ذلك الحزن الذي … تكون أغلب تفاصيله بنا ..وليس حولنا )
(1)
هناك أحزان ممنوعة
أحزان لانملك حق إظهارها للنور ..
أحزان تدور تفاصيلها (بداخلنا )
لان (حولنا ) لايتسع لها
كأحزان الحكايات التي نعيشها في الخفاء
فالحكاية التي لانستطيع اظهارها للنور تبقى تفاصيلها حبيسة بنا
فنفرح فيها بيننا وبين أنفسنا..ونحزن ببننا وبين أنفسنا
ونعيشها بيننا وبين أنفسنا
ونموت فيها بيننا وبين أنفسنا
وحين ننكسر فيها نبكي بيننا وبين أنفسنا
لان هذه الحكاية كانت عالمنا الخاص
العالم الذي أخفيناه عن أعينهم
وحرمنا عليهم الدخول إليه
وتحول مع الوقت إلى ..سرنا العظيم !
(2)
لذا نحن نحتاج إلى الكثير من القوة
والكثير من التماسك والكثير من الصبر
والكثير من القدرة على التمثيل
كي نتقن دور السعيد في وقت يجب ان نحزن فيه
ونتقن دور الضاحك في وقت يجب ان نبكي فيه
ونتقن دور اللامبالي في وقت يجب ان ننهار فيه
ونتقن دور الصامت ..في الوقت الذي يجب ان نصرخ فيه
ولنتجاوز المفاجآت غير السارة لحكاياتنا السرية
كفقداننا بطل حكاية عمر بشكل مفاجيء
ولسبب لا نملك القدرة على منعه أو ايقافة
كالموت مثلا !
(3)
لذا أتساءل دائما..
الرجال الذين غادروا هذه الحياة بلا مقدمات وداع
كاصابتهم بسكتة قلبية
أو حادث مرور مروع
أو استسلموا لغيبوبة مفاجئة
أو سقطت الذاكرة منهم لسبب ما
وتركوا خلفهم حكايات ناقصة النمو ..
بكل أبطالها ..وتفاصيلها الدافئة..
وأحاديث مبتورة ..وهواتف يعلو رنينها كلما اشتد الفقد ..ولامجيب
هؤلاء ماذا كان مصير بطلات حكاياتهم؟
(4)
فكثيرون حين غادروا الحياة بشكل مفاجيء
كانت هناك أنثى تبكيهم في الخفاء ..
أنثى ربما لو طال بهم العمر أكثر لكانت نصفهم الآخر في أوراقهم الرسمية
أنثى عشقوها في السر وتعلقت بهم في الخفاء
هذه الأنثى ربما كانت أكثرهم حزنا وصدمة وفقدانا..
لكنها سفكت في الخفاء حزنها
لان أوراقها الرسمية لم تنسبها إليه
ولان هناك أحزان ممنوعة
أحزان مضافة اجتماعيا إلى قائمة ( العيب ) و ( العار )
(5)
لكن !
لان هناك عواطف نبيلة لاتوثق بأوراق رسمية
ولان القدر لم يمهل حلمها الوقت الكافي لكي ينضج ويسير أمام الملأ على قدميه
لذا تستتر هذه الأنثى كي تحزن
وتستتر كي تبكي وتستتر كي تصرخ
وتستتر كي تمارس حقها في الحزن
على نصف آخر رحل تاركا بها من ألم ورعب البتر الكثير
(7)
فنحن لانملك حق الحزن على أحلامنا التي مارسناها في السر حين نفقدها
ولا نملك حق الحزن على الأرواح التي كانت أنصافنا الأخرى في حكاية سرية
فالحزن أيضا قد يحتاج أحيانا إلى ( صفة ) تبرره وتبيحه
لكننا نحزن ..نحزن كثيرا .. وننكسر كثيرا ..ونرتعب كثيرا …
فالسر لايعني ان العاطفة كانت هشة
ولا يعني ان الحكاية كانت كرتونية
(8)
وحتما يدخل النصف المتبقي من حكاية خفية
مراحل من الحزن والذهول الداخلي
فليس بالأمر السهل ان تستيقظ من تفاصيلك بعد سنوات
لتكتشف انك أصبحت البطل الوحيد في حكاية كانت مشتركة
(9)
لذا ..اخرجوا حكاياتكم النقية الى النور
اعتنوا بها كطفلكم المدلل
امنحوها النور والضوء والهواء
أو اطلقوا سراحها ان كانت غير قابلة للنور
حرروها وتحرروا منها
كي لاتضطروا للتنازل عن حقكم في ممارسة احزانكم على الملأ
فأحزاننا هي مشاعرنا …التي يجب عليهم احترامها