للحج شعائر جليلة ومناسك عظيمة يؤديها حجاج بيت الله الحرام كل سنة على مراحل متفرقة وفي أماكن مختلفة من مكة المكرمة وضواحيها، اقتداء بسنة نبينا ابراهيم عليه السلام، وامتثالا لأمر الله عز وجل وتعظيما لشعائره، مصداقا لقوله تعالى في سورة الحج: [ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب].

وتبتدئ هذه المناسك بالإحرام وهو النية بالدخول في نسك الحج. ويعود سبب تسميته إحراما، إلى التحريم المؤقت لعدد من المباحات على الحجاج ريثما تنتهي مناسك الحج. وتُعتبر النية الركن الأساسي في شعيرة الإحرام لكنها بحاجة إلى أفعال مخصوصة كالتجرد من المخيط والمحيط وحلق الرأس وغيرها.
وبعد الانتهاء من شعيرة الإحرام يمر حجاج بيت الله الحرام إلى الركن الثاني من أركان الحج وهو طواف الإفاضة الذي يؤدى يوم النحر بمكة المكرمة بعد الإفاضة من مِنى. ويتم الطواف بالمشي سبعة أشواط متتالية حول الكعبة بِنيَّة التعبد لله سبحانه بدءا من الركن الذي يضم الحجر الأسود وانتهاء به.
بعد ذلك ينتقل الحجاج إلى جبلي الصفا والمروة، فيسعون بينهما سبع مرات بدءا من الصفا وانتهاء بالمروة. ويعود أصل هذا المنسك لزمن سيدنا ابراهيم عليه السلام حيث تُعَد زوجته هاجر أول من قام بالسعي بين الصفا والمروة التماسا للماء لابنها إسماعيل عليه السلام. وتكريما لهذه السيدة العظيمة، جعل الإسلام هذا الحدث من مناسك الحج.
وبالانتهاء من السعي بين الصفا والمروة يضرب الحجاج موعدا مع الوقوف بعرفة. ويكون ذلك في التاسع من ذي الحجة حيث يقضي الحجاج نهارهم في جبل عرفة مرددين التلبية حتى غروب الشمس. ويتميز هذا اليوم باستماع الحجاج لخطبة يلقيها إمامهم، الذي يصلون خلفه فيما بعدُ صلاتيْ الظهر والعصر جمعا وقصرا بأذان واحد وإقامتين.

وبعد وقفة عرفة، يستكمل الحجاج رحلتهم الإيمانية في المشاعر المقدسة بالإفاضة إلى المزدلفة الواقعة بين مشعري منى وعرفات. حيث يقضي الحجاج ليلتهم هناك، فيؤدون صلاتي المغرب والعشاء جمعا وقصرا، ثم يجمعون الحصى استعدادا لرمي الجمرات، ليفيضوا صباح اليوم التالي إلى مشعر منى.
وقبل طلوع شمس العاشر من شهر ذي الحجة الذي هو يوم النحر، يتوجه الحجاج إلي منى لرمي جمرة العقبة بين فترتي الضحى والزوال، حيث يرمون سبع حصوات مرددين عبارات التكبير. وبعد رمي الجمرات يتفرغ الحجاج لذبح ما عليهم من الهدى، ثم يحلقون رؤوسهم أو يقصرون ويتحللون بذلك التحللَ الأصغر، فيباح لهم كل شيء عدا النساء.
وبعد النفير من منى يتبقى للحجاج خطوة أخيرة لاستكمال شعائر الحج قبل العودة إلى الوطن. وهذه الخطوة هي طواف الوداع الذي يؤدى في يومه لمن أراد التعجيل بالسفر، وفي حالة العكس يؤجل إلى آخر إقامة الحجاج بمكة المكرمة. ويؤدى طواف الوداع على هيئة طواف الإفاضة. وبعد استكماله يُمنع على الحجاج الاشتغال بشيء آخر غير السفر.