شرح حديث سهل: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا))، وأشار بالسبَّابة والوسطى، وفرَّج بينهما. رواه البخاري.
و"كافل اليتيم": القائم بأموره.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كافل اليتيم له أو لغيره، أنا وهو كهاتين في الجنة))، وأشار الراوي - وهو مالك بن أنس - بالسبَّابة والوسطى. رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((اليتيم له أو لغيره)) معناه: قريبه، أو الأجنبي منه، فالقريب مثل أن تكفله أمُّه أو جده أو أخوه أو غيرهم من قرابته، والله أعلم.
قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
ذكر المؤلِّف رحمه الله تعالى فيما نقله عن سهل بن سعد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أنا وكافل اليتيم هكذا))، وأشار بالسبَّابة والوسطى، يعني بالإصبع السبَّابة والوسطى.
والإصبع السبَّابة هي التي بين الوسطى والإبهام، وتُسمَّى السبَّابة؛ لأن الإنسان يشير بها عند السَّبِّ، فإذا سبَّ شخصًا قال: هذا، وأشار بها.
وتُسمَّى السبَّاحة؛ لأن الإنسان يشير بها أيضًا عند التسبيح؛ ولهذا يشير الإنسان بها في صلاته إذا جلس بين السجدتين ودعا: ربِّ اغفر لي وارحمني؛ كلما دعا رفعها، يشير إلى الله عز وجل؛ لأن الله في السماء جل وعلا، وكذلك أيضًا يشير بها في التشهد إذا دعا: السلام عليك أيها النبيُّ، السلام علينا، اللهم صلِّ على محمد، اللهم بارك على محمد، في كل جملة دعائية يُشير بها؛ إشارة إلى علوِّ الله تعالى وتوحيده.
وفرَّج بينهما عليه الصلاة والسلام؛ يعني: قارَنَ بينهما وفرَّج، يعني أن كافل اليتيم مع النبي عليه الصلاة والسلام في الجنة قريبٌ منه، وفي هذا حثٌّ على كفالة اليتيم.
وكفالةُ اليتيم هي القيام بما يُصلِحه في دينه ودنياه؛ بما يُصلِحه في دينه من التربية والتوجيه والتعليم وما أشبَهَ ذلك، وما يُصلِحه في دنياه من الطعام والشراب والمسكن.
واليتيم حدُّه البلوغ، فإذا بلغ الصبيُّ زال عنه اليُتمُ، وإذا كان قبل البلوغ فهو يتيم؛ هذا إن مات أبوه، وأما إذا ماتت أمُّه دون أبيه، فإنه ليس بيتيم.
وكذلك الحديث الذي بعده فيه أيضًا ثواب من قام بشؤون اليتيم وإصلاحه.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 95- 97)