ㅤ
لَوْ عَرَفَ الْعَبْد مِقْدَار منَّة اللَّهُ وَفَضَّلَهُ عَلَيْه حِينَمَا يوفِّقه لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ، لخجل مِنْ أَنَّ يُرائي أحدًا مِنْ الْخَلْقِ فِي عَمَلِهِ.
الْبُكَاءُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ يَكُونُ بِالْخَوْف مِمَّا بَعُدَ الْمَوْتِ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ إذَا تَذَكَّرَ الْمَوْت بَكَى عَلَى فِرَاقِ الدُّنْيَا لَا عَلَى اسْتِقْبَالٍ الْآخِرَة، وَيَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ!
مِنْ أَكْثَرِ مِنْ مُرَاقَبَةِ اللَّهِ وَحُضُورُه بِقَلْبِهِ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ إلَّا مَا يُرْضِيهِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تعظِّم الرَّقِيب عَلَيْهَا وتخشاه، وَكُلَّمَا ضَعُفَتْ الْمُرَاقَبَة انْطَلَقْت الْجَوَارِح بِالْمَعَاصِي.
إذَا أحبَّ الْإِنْسَانِ أَوْ كَرِهَ شقَّ عَلَيْه الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ مَعَ مَنْ يُحب وَمَنْ يَكْرَهُ! فَتَهُون فِي عَيْنَيْهِ إِخْطَاءٌ مِن يُحب وتعظُم إِخْطَاءٌ مَنْ يُكْرَهُ!
لَا يَلْزَمُ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ لأحدٍ، حُبِّ كُلٍّ النَّاسِ لَهُ، وَإِنَّمَا أَهْلُ الْفِطْرِ الصَّحِيحَة، قَالَ اللَّهُ عَنْ مُوسَى﴿وَأُلْقِيَت عَلَيْك مَحَبَّة مِنِّي﴾ وَهُو أُبَغِّضُ النَّاسَ عِنْدَ فِرْعَوْن وَأَتْبَاعِه!
قَدْ يَقُولُ الْإِنْسَانُ أَذْكَارِه وحرزه وَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا ويُصاب بِالْأَذَى؛ لِأَنَّه يَقُولُهَا بِلَا يَقِين وَلَا مَعْرِفَةُ بِمَعْنَاهَا، فَفِي الْحَدِيثِ قَالَ ﷺ « قَالَهَا موقناً بِهَا ».
عُبَادَة الْخَفَاء تَزِيد مِن إخْلَاص الْعَبْد وَصَدَّقَه، وَتُكْسَر عُجبه بِعَمَلِه، وتُقوِّي صِلَتِه بِرَبِّه وَتَوَكُّلِه عَلَيْه، فَمَن اِخْتَفَى بِعَمَلِه عَنْ الْخَلْقِ تجرَّد لِلْخَالِق.