﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾.
قَال عَبْدالرَحْمَن السَّعْدِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ:
فَالْقُرْآن مُشْتَمِل علىٰ الشِّفَاء وَالرَّحْمَة، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِين بِه، الْمُصَدِّقِين بِآيَاتِه، الْعَامِلِينَ بِهِ،
وَأَمَّا الظَّالِمُون بِعَدَمِ التَّصْدِيقِ بِهِ أَوْ عَدَمِ الْعَمَلِ بِهِ، فَلَا تَزِيدُهُم آيَاتِه إلَّا خسارًا، إذْ بِهِ تَقُومُ عَلَيْهِم الْحِجَّة، فالشفاء الَّذِي تَضَمَّنَهُ الْقُرْآنِ عَامٌّ لشفاء الْقُلُوب، مِنْ الشُّبَهِ، وَالْجَهَالَة، وَالْآرَاءِ الْفَاسِدَةِ، وَالِانْحِرَاف السَّيِّئ، والقصود السَّيِّئَة.
فَإِنَّهُ مُشْتَمِلٌ علىٰ الْعِلْمِ الْيَقِينِيِّ، الَّذِي تَزُولُ بِهِ كُلُّ شُبْهَةٍ وَجَهَالَة، وَالْوَعْظَ وَالتَّذْكِيرَ، الَّذِي يَزُولُ بِهِ كُلُّ شَهْوَةٍ تُخَالِفَ أَمْرَ اللَّهُ، ولشفاء الْأَبْدَان مِن آلامها وأسقامها.
وَأَمَّا الرَّحْمَة، فَإِنَّ مَا فِيهِ مِنْ الْأَسْبَابِ وَالْوَسَائِل الَّتِي يَحُثّ عَلَيْهَا، متَى فِعْلِهَا الْعَبْد فَاز بِالرَّحْمَة وَالسَّعَادَة الْأَبَدِيَّة، وَالثَّوَاب الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ.
[ تَيْسِير الْكَرِيم الرحمَن ٤٦٥/١ ]