﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ، هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ﴾.
قَال الْإمَام اِبْنُ الْقَيِّم رَحِمهُ الله:
أَخَبَر الله تَعَالَى عَنْ تَقْريب الْجَنَّة مِنَ المتقين، وَأَنَّ أهْلهَا هُمْ الَّذِينَ اِتَّصَفُوا بِهَذِهِ الصِّفَات:
إحْدَاهَا: أَنْ يَكُون أوَّابَا؛ أي: رجّاعا إِلَى الله مَنْ مَعْصِيَته إِلَى طَاعَته، وَمِنْ الْغَفْلَة عَنْهُ إِلَى ذِكْره، قَال عَبِيد بْن عَمِير: الْأوَّاب، الَّذِي يَتَذَكَّر ذُنُوبهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِر مِنْهَا ..
الثَّانِيَة: أَنْ يَكُون حَفِيظَا، قَال اِبْن عَبَّاس: لِمَا اِئْتَمَنهُ الله عَلَيْهُ وَ اِفْتَرَضهُ، وَقَال قَتَادَة: حَافَظ لِمَا اِسْتَوْدَعهُ الله مَنْ حَقّه وَنِعْمَته.
وَلَمَّا كَانَت النَّفْس لَهَا قُوتَانِ، قُوَّة الطَّلَب، وَقُوَّة الْإِمْسَاك، كَانَ الْأوَّاب مُسْتَعْمِلا لِقُوَّة الطَّلَب فِي رُجُوعه إِلَى الله وَمَرَضَاته وَطَاعَته، وَالْحَفِيظ مُسْتَعِْملاً لِقُوَّة الْحِفْظ فِي الْإِمْسَاك عَنْ مَعَاصِيه وَنَوَاهِيه.
فَالْحَفِيظ: الْمُمْسِك نَفْسُهُ عَمَّا حَرَّم عَلَيْهُ.
وَالْأوَّاب: الْمُقْبِل عَلَى الله بِطَاعَته.
[ الْفَوَائِد لِاِبْن الْقَيِّم صـ ١٧ ]