دخل منزله بعد صلاة المغرب وتوجّه للصالة لتناول قهوته
فوجد زوجته تلفّ سجادتها وتضعها بصندوق سجاد الصلاة
سلّم عليها وسألها عن إبنهما عبد العزيز فقالت: إتصل به
زملاءه وأخذوه معهم ... لا حول ولا قوة الا بالله .. متى
يعقل هذا الإبن ويتفرّغ لصلاته ودراسته ... ثم جلسا على
الأرض يتناولان القهوة ويستمعان لخطبة الجمعه للجامع
الكبير والتي تعيد في اليوم التالي بثّها إذاعة القرآن الكريم
وبينما تضع بيده الرطب ويتناول قهوته ويدعو بصلاح إبنه
قالت: أبو عبدالعزيز ما ودّك نزوّجه علشان يمدينا نشوف
عياله ... يا ليته يطيع يا ام عبدالعزيز ولدك الله يصلحه من
يوم تعرّف على هالشلّه الله يصلحهم وهو ما عاد يواجهني
بوجه بشوش ... ولا يكلمني الا بشقّ الأنفس ولا يرد حتى
على إتصالاتي ... ويسوّي نفسه نايم كل ما ضربت عليه
الباب ... الله يصلحه ويهديه ... وفي تلك الإستراحه كان
عبدالعزيز في قمّة سعادته على أنغام الموسيقى والرقص
وبينما هم كذلك حتى دخل الإستراحه أشخاص لا يعرفهم
عبدالعزيز وبدأ يسأل عنهم فقال أحدهم هذا المفحّط فلان
والذين معه هذا حمودي والثاني خلّودي جايين يسمرون
لم تعجب عبدالعزيز ملابس الشابين الذَّين يرافِقان المُفحِّط
وهي ملابس لا تليق بالشباب فصاح أحد زملاء عبدالعزيز
يرحب بهم وقال: شكل اليوم السهره تفوق الخيال ... وبعد
دقائق دخل ثلاث أشخاص يحملون عود وطبله وبيانو ...
ورافق ذلك حضور اثنين يحملان سماعات كبيره وأسلاك
فسأل عبدالعزيز أحدهم من هؤلاء فقال له صديقه : اليوم
سنحيي حفله بمناسبة عيد ميلاد سعد ... وبعد دقائق كان
باب كراج الإستراحه وتدخل سيارة بانوراما مرسيدس
فيها شاب ومعه فتيات فذهب إليه أحد زملاء عبدالعزيز
وأخذ يتحدث معه وأطال الحديث ثم خرج صاحب السياره
بسيارته ولم ينزل منها أحد وأغلق الباب ... شعر عزيز
(كما يلقبونه زملاءه) بأن هناك أمراً مختلف عما عهده من
زملاءه وبدأ يدخل الإستراحه أشخاص لا تبدو ملامحهم
تبشّر بليله سعيده على سعد ... ثم أصبح الذين يعرفهم
أقل من الذين لا يعرفهم وما هي إلا دقائق حتى بدأ الباب
يفتح مجدداً ودخلت سيارة جمس ونزل بعد الأشخاص
الذين يشبهون حمودي وصديقه وكان الجميع تدور رحاهم
في صالة الإستراحة والتي يرتبون بها مكاناً للحفلة بدلاً من
الساحة الخارجيه فبدأ عبدالعزيز يسأل زملاءه من سعد
الذين يتحدثون عنه لكن لا مجيب أما صاحب الإستراحه
فكان غائباً في ذلك اليوم وهو ما جعل عبدالعزيز يصاب
بالخوف الشديد من أن يترتب على ذلك مداهمه أمنية
فحمل أغراضه وتوجّه لسيارته وبين رغبة حضور وخوف
مما تخفيه اللحظات القادمه ... وبينما يفكر في سيارته
طرق النافذه رجل تبدو هيئته أنه مسئولاً أمنيّاً في ثيابٍ
مدنيّه ... سأله أنت عبدالعزيز فقال في إرباك نعم ...
اترك المكان ثم ضرب بيده على الباب للإسراع بالمغادره
تحرّك عبدالعزيز عائداً للبيت وقد أصابه الذهول من
تسارع الأحداث عليه وغرابة الموقف الذي لم يعتد عليه
من قبل ... وزاد الموقف غرابه أن هذا الرجل يعرفه
وأثناء المغادره وجد نقطة تفتيش في الطريق وسيارات
مدنيّة وأناس ملثّمين ومشتبهين يركبون الباص ودوريات
أمنيه مكثّفه وحين توقف عند النقطة الأمنيه كان هناك
من يجلس في إحدى السيارات الأمنيه ويوصي أفراد
التفتيش بأن يتركوا عبدالعزيز يتجاوز النقطه نظر
عبدالعزيز لتلك السيارة التي إلتفت إليها الجندي وهو
يتلقى التعليمات ممن بداخلها فوجده يلبس نظاره سوداء
تخفي تحتها ملامح وجهه لكنه استمر يتابع عبدالعزيز
وهو يغادر نقطة التفتيش واستغرب أيضاً أن سيارة
أحد زملاءه مركونه ويبدو أن صاحبها يستقلّ الباص
وما إن توقّف عند باب منزل والده حتى وجد أبوه ينتظره
وحين رآه والده ترك الباب مفتوحاً ودخل لينام ودخل
عبدالعزيز البيت وتوجه لغرفته ليجد طاوله وضعتها
أمه أمام باب غرفته وعليها العشاء فتح عبدالعزيز باب
غرفته وحمل العشاء ودخل وسط ذهول مما يحدث له اليوم
وبينما يتناول عشاءه شعر بشخص عند بابه يحمل الطاوله
ويعيدها لمكانها بالصاله فتح الباب ليجد أمه ولم تلتفت له
بل توجهت لغرفتها وأغلقت باب الغرفه ... شعر أنها غير
غير راضيةً لأنها تستخدم الصمت للتعبير عن عدم رضاها
أمضى ليله في تفكير حتى سمع غرفة والده تُفتح ويخرج
والده لصلاة الفجر فأدرك كيف تراكض الوقت دونه ... شعر
بأن هناك شيئاً يدفعه للحاق بوالده للصلاة وكأن ذلك الذي
يدفعه هو شيء يدعوه لإرضاء والده عن سبب تركه ينتظر
عند باب البيت في هذا الليل الموحش ... توضأ عبدالعزيز
وما إن وصل للمسجد حتى وجد الإمام قد أنهى صلاته
فقام يصلي منفرداً ... وبينما هو يصلي وينظر إلى مكان
والده رأى شخصاً يكلّم والده ويهنئه بصلاة عبدالعزيز
إلتفت والده ليشاهد إبنه يصلي لوحده فقام وصلى معه
وهنا أصاب الابن شيئاً من الإرباك وبدأ يخطئ في قراءة
القرآن ووالده يصحّح له في قراءته حتى أصاب ابنه الضجر
لتكرار تصحيح والده له فركع وأكمل صلاته ولأن والده
يتبقى له ركعه ليكملها انطلق عبدالعزيز للبيت خوفاً
من وعظ والده له ... وبينما هو في غرفته بدأ تسجيل ما
حدث بالأمس يمر بذاكرته وأوقف بث أفكاره صوت والده
وأغلق باب غرفته عليه ... وبدأ يتساءل مالذي دفع هذين
الرجلين لتخليصي من كارثة كادت أن تحلّ بي وبوالديي
ومن يكونا ليخدماني هذه الخدمه وما الذي حدث على من
حضر الحفله وهل تم القبض على صاحب السيارة التي بها
الفتيات ... إنتظروني بالجزء الثاني ... تحيتي وتقديري لكم
آخر تعديل الــســاهر يوم
30 - 7 - 2021 في 07:52 PM.