حاجتنا للتقوى في الآخرة
أمرنا الله بالتزود في الدنيا لأسفارنا، وأخبرنا أن خير ما نتزود به لآخرتنا التقوى " وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ " [البقرة: 197] .
والتقوى هو خير زاد إلى دار المعاد، والتقوى الإيمان والعمل الصالح المنبعث عن مخافة الله، والرغبة إليه .
فالذي يأتي في يوم القيامة بالإيمان والعمل الصالح، وترجح حسناته بسيئاته، فقد أعطي الحظ العظيم، وفاز في يوم الدين، وعلى المرء أن يكون دائم الاستعداد للرحيل من الحياة، فإنه لا يدري متى يفاجئه الموت .
تزود من التقى فإنك لا تدري جنَّ ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم صحيح مات من غير علِّة وكم عليل عاش حيناً من الدهر
" الله تعالى أهل التقوى "
الله تعالى أهل التقوى دون سواه، قال تعالى : " وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ " [المدثر: 56]قال ابن عباس : " أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ " يقول الله تعالى : أنا أهل أن أتَّقى، فإن عصيت، فأنا أهل أن أغفر" [عمدة الحفاظ للسمين الحبي] .
والله – سبحانه - أهل التقوى لأنه العظيم، الذي لا أعظم منه، القويُّ القاهرة الذي لا أحد أقوى منه، وهو العزيز الذي لا يغلبه أحد، وهو قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، وهو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد .
وهو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض، لا يملك أحدٌ معه شيئاً، وكل العباد سيهلكون، وسيرث الله الأرض جميعاً، وهو العالم بما في السماوات والأرض، وما بينهما، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا السماء .
فهو وحده أهل أن يتقى، وتخشع له قلوب العباد سبحانه، وترجى رحمته، ويخاف عذابه .
وإذا أنت قارنت ما تخاف في الدنيا من الأعداء والأهوال والمصائب العظام بأهوال الآخرة، تجد أن ما تخشاه من أهوال الدنيا زائل ذاهب، أما الله فله الدنيا والآخرة، وأنت راجع إليه، فلا تنجو من عذابه أبداً |
|
|
|